للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للتقسيم. فالأعيان تنقسم إلى الجمادات، والحيوانات، فأما الجمادات، فإنما تجري الإجارة فيما يُنتفع به انتفاعاً [يقابَل] (١) بالمال عرفاً، مع بقاء العين. وما لا يتأتى الانتفاع به إلا باستهلاكه، فلا يتخيل فيه الإجارة. كالأطعمة والأشربة، فلا تُستأجر التفاحةُ لتُشتمَّ؛ فإن ذلك، وإن كان منفعة، فليست من المنافع التي تُبذل عليها الأموال، ومالك التفاحة لا يرضى بتسليمها لتُبذلَ، وتقربَ من الفساد، ثم تُرد.

٥٠٦٩ - واختلف أئمتنا في استئجار الدراهم والدنانير، لتزيين الحوانيت، ودكاكين الصيارفة، فذهب الأكثرون إلى منع استئجارها؛ فإن ما ذكرناه ليست منفعةً مقصودةً؛ فإن الغرض مما أشرنا إليه موقوفٌ على أن يُرِي الصرافُ أنها ملكُه، ولو ظهر ذلك، لفسد الغرض، فغاية المقصود تلبيسٌ إذاً، وإذا منعنا الاستئجار، ففي جواز استعارتها للمقصود الذي ذكرناه خلافٌ، ولا وجه لمنع الإعارة إلا ما نبهنا عليه من التلبيس، وإلا فالإعارة تقبل الجهالةَ والإبهام، ولا تقبلها (٢) الإجارة.

٥٠٧٠ - وذكر القاضي في الاستشهاد بفساد إجارة الدراهم، والدنانير: أن استئجار الأطعمة لمثل الغرض الذي ذكرناه في الدراهم فاسدٌ. ولستُ أرى الأمرَ كذلك، فلو استأجر الرجلُ صُبرةَ حِنطةٍ، ليزين بها دكّانه، فالكلام فيه [كالكلام في] (٣) استئجار الدراهم والدنانير. ولا يجوز تخيّل الفرق بينهما (٤ والخلاف جارٍ فيهما ٤)، والأصح المنع، كما قدمناه.

٥٠٧١ - وأما الحيوان قسمان (٥): آدمي، وغيرُ آدمي، فالآدمي يجوز إجارته، حراً كان أو عبداً. وغير الآدمي قسمان: منتفعٌ به، وغير منتفع به. فما لا ينتفع به


(١) في الأصل: فيقابل.
(٢) (د ١): ولا تقتضي ما تقتضيه الإجارة.
(٣) في الأصل: فالكلام فيه كاستئجار الدراهم.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (دا).
(٥) هكذا. بدون الفاء في جواب (أما) وهي لغة (كوفية)، يجري عليها غالباً إمام الحرمين، في كتابه هذا، وفي غيره، كما أشرنا مراراً.