للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يتعرضوا لبيان الإجارة في مدة الصبا.

وقال القاضي: يجب تخريج صحة الإجارة في المدة الواقعة في الصبا على قولي تفريق الصفقة. وهذا حسنٌ متّجهٌ، ويحمل ترك تعرض الأصحاب لذلك على اعتمادهم وضوحَ الأمر في هذا.

٥١٦٠ - ولو أجر الولي الطفلَ مدة لا يعلم أنه يبلغ بالسن فيها، ولكن كان بلوغه بالاحتلام ممكناً في أثناء المدة، فيحكم على ظاهر الحال باستمرار الإجارة، فإن لم يتفق البلوغ حتى تمت الإجارة، فلا كلام.

وإن اتفق البلوغ في المدة، ففي الإجارة وراء البلوغ خلافٌ، ذكره الأصحاب منهم من قال: الإجارة تبقى، فإنها جرت من وليٍّ على شرط الغبطة، ووقع الحكم أولاً بنفوذ الإجارة، فيجب الوفاء بها.

والصحيح أن الإجارة لا تبقى.

ثم ذكر الأصحاب عبارة الانفساخ، والوجه عندنا أن نقول: نتبين بطلانَ الإجارة وراء البلوغ، وهذا كما ذكرناه في مسألة الوقف.

٥١٦١ - ثم إذا حكمنا ببطلان الإجارة وراء مدة البلوغ، فهل نقول: تبيّنا أن الإجارةَ اشتملت على ما يصح، وعلى ما يفسد، حتى يُخرّج على قولي تفريق الصفقة قولٌ إن الإجارة باطلة في جميع المدة، كما ذكرناه فيه إذا أجر الصبي مدةً يعلم أن شيئاًً منها يقع وراء بلوغه بالسن؟ هذا لم يتعرض إليه الأصحاب. وإذا أوضحنا أن انتفاء الإجارة وراء البلوغ سبيله البطلان، لا الانفساخ، فلا بد من خروج هذا القول.

وقد يظهر للفقيه القطعُ بصحة الإجارة فيما تقدم على البلوغ بالاحتلام، وأن الإجارة عقدت على احتمال أن تصح وتستمر في جميع المدة، وكل عقد يُعقد كذلك، ثم يتبين آخراً أمرٌ، فيظهر تخصيصُ الإبطال بما يتبين آخراً، وسنذكر نظير ذلك في محاباة المريض في البيع، إذا لم يفِ الثلث باحتمالها.

٥١٦٢ - ومما يتصل بما نحن فيه أن المالك إذا أجر عبده سنة، ثم إنه أعتقه في أثنائها، فالذي قطع به الأصحاب أن الإجارة لا تنفسخ في بقتة المدّة بطريان العتق.