للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر صاحب التقريب في ذلك وجهين: أحدهما - ما ذكره الأصحاب.

والثاني - أن الإجارة تنفسخ في بقية المدة. وهذا ضعيفٌ لا خروج له على قاعدة المذهب. والسبب فيه أن الإجارة جرت من المالك بحقِّ الملك، ثم طرأ عليها ما يتضمن زوال الملك عن الرقبة، فكان ذلك بمثابة ما لو أجر المالك فى اره، ثم مات.

وأبو حنيفة (١) مع مصيره إلى أن الإجارة تنفسغ بموت المكري- سلّم أن العبد المستأجَر إذا أُعتق في خلال المدة، لم تَنْفسخ الإجارة (٢)، فالوجه القطع بأن الإجارة لا تنفسخ.

ثم هل يثبت للعبد إذا عَتَق الخيارُ في فسخ الإجارة في بقية المدة؟ فعلى وجهين- ذكرهما صاحب التقريب أيضاًًً: أحدهما - أنه لا خيار له، والإجارة تجري على موجب لزومها.

والوجه الثاني - أنه يثبت له الخيار كما تتخير الأمة إذا عَتَقت تحت زوجها القِنّ، وهذا بعيدٌ لا أصل له.

نعم إن حكمنا ببقاء الإجارة ولزومها، وأوجبنا الوفاء بها، فإذا عمل المعتَق في بقية المدة، بعد نفوذ العتق، فهل يرجع بأجرة مثله في هذه المدة الواقعة بعد العتق


(١) ر. مختصر الطحاوي: ١٢٨، المبسوط: ١٥/ ١٥٣، البدائع: ٤/ ٢٢٢، مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ١٢٩ مسألة ١٨٢٦، البحر: ٨/ ٤١، تبيين الحقائق: ٥/ ١٤٤، فتح القدير: ٨/ ٨٤، حاشية ابن عابدين: ٥/ ٥٢، الاختيار: ٢/ ٥٥، مجمع الأنهر: ٤/ ٤٠١.
(٢) هذه المسألة (انفساخ الإجارة بعتق العبد المستأجر) أجهدتنا كثيراً، فلم نجدها في مظانها من كتب السادة الأحناف برغم طول بحثنا. وأخيراً وجدناها في (البدائع: ٤/ ١٩٩ عند شروط المستأجَر) كما وجدناها في غير مظانها أيضاًً في: تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه: ٥/ ١٤١، والبحر: ٨/ ٣٧، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٦، ومجمع الأنهر: ١/ ٣٩٦، والاختيار: ٢/ ٥٥. كلهم في باب ضمان الأجير، وليس في باب فسخ الإجارة. وهذا مما يدعونا أن ننادي مع المنادين بضرورة فهرسة كتب الفقه وتكشيفها. ورحم الله ابن حجر الذي قال: " ولطالما قرأت المجلدة كاملة فلم أظفر بما أريد " فمن لنا بصبره وجَلَده!!! والله المستعان.