للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محسوبٌ في المائة، ولو قال: أحمّلها مائة مَنٍّ مِن الحنطة، فالظرف زائد على المائة المنّ؛ فإن الحنطة التي ذكر وزنها لا يتأتى حملُها إلا في ظرف.

ثم لا بد وأن يكون الظرف معلوماً، إما بالمعاينة، وإما بالوصف، ثم من ضرورة الوصف التعرض لوزنه، وإن جرت الإجارة في موضعٍ لا يتفاوت الظروف فيه، كالغرائر الحبليّة (١) التي تُنسج على منوالٍ واحد، فالعرف المقترن بالعقد كافٍ في البيان، هذا ظاهر المذهب.

ومن أئمتنا من قال: إذا قال: أحمّلها مائةَ منّ، فالظرف زائد على المائةِ أيضاًً؛

فإن الغالب أن التعرض يقع للمحمول في الظَّرف، وإن لم يقع التنصيص على جنسه.

[فقوله: أحمّلها مائة منّ، كقوله: أحملها مائة مَنّ من الحنطة] (٢). وهذا محتمل.

وظاهر المذهب ما قدّمناه.

ثم سيأتي في الظروف وأنها على المكري أو على المكتري فصلٌ منفردٌ، إن شاء الله عز وجل.

٥٢٠١ - وما ذكرناه فيه إذا كانت الإجارة واردةً على عين الدابة. فأما إذا أورد الاكتراء على الذمة بحمل الحُمولة، فلا يجب فيها وصف الدابة والتعرض لها؛ ويكفي أن يقول للمستأجر: ألزمت ذمتك نقل مائة منٍّ من الحنطة إلى موضع كذا، وإنما لم نوجب التعرضَ للدابة؛ لأن المقصود لا يتفاوت في نقل الحُمولة بتفاوت الدواب، وليس كما إذا كان المقصود الركوب؛ فإن الغرض الأظهر يتعلّق بصفة المركوب، فلو ذكر المكتري دابةً ووصفها، ولم يعيّنها، والمقصود نقل الحُمولة، فلا بأس أيضاًً، وقد يكون له في وصف الدابة غرضٌ.


(١) الحبلية: نسبة إلى (الحبْل) اسم موضع بالبصرة، أو إلى قرية من قرى عسقلان اسمها: (حبْلة). أو إلى (الحَبْل) الذي منه مادتها. كل ذلك فحتمل، فلم أصل فيما راجعت من أسماء المواضع والبلدان، ومعاجم الألفاظ والأنساب، ما يقطع بواحدٍ من هذه. والله أعلم.
(٢) المثبت بين المعقفين عبارة (د ١)، وعبارة الأصل: "وإن لم يقع التنصيص على جنسه بقوله: أحملها مائة من من الحنطة".