للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٢٢٣ - والمسائل مفروضة فيه. إذا قال المكتري: أحمل عشرين منّاً من الطعام، فهذا اللفظ يشعر باستدامة حمل هذا المقدار، والعادةُ جاريةٌ بين المسافرين، بأن حَشْو السفرة إذا فني أعادوا مثله، وإذا تطابق اللفظ والعرف، فلا وجه لمخالفتهما.

نعم. محلّ تردد الأصحاب ما نصفه.

قالوا: إذا نفذ جميعُ الزاد، فله حملُ مثله، وإن انتقص، فهل له أن يُكمل المقدارَ المذكورَ كلما انتقص، أم ليس له ذلك، حتى ينفد الزاد؟ فعلى قولين: أصحهما - وهو اختيار المزني أنه يزيد كلّما نقص، كما أن الحمولة المقصودة لو نقص شيء منها بسببٍ، فإن المكتري يُكملُها ويردّها إلى المقدار المشروط، فكذلك الزاد المشروط.

والقول الثاني - أنه لا يكمل ما نقص؛ لأن العادة في الزاد أنه لا يشتري منه ما لم يَفْن الأول.

٥٢٢٤ - ثم موضع التردد والخلاف فيه إذا كان في المراحل المستقلة زادٌ بأسعارٍ راخية. فإن لم يكن فيها زادٌ، أو كان، ولكن بسعرٍ عالٍ زائد على سعر المنزل، الذي اتفق فيه نقصانُ الزاد، فيجوز الإبدال في هذه المنازل، قولاً واحداً؛ فإن اللفظ في تقدير الزاد مشعرٌ بهذا، والعادةُ مطردة، موافقةٌ، ثم تحقق القحط (١) والغلاء كما ذكرناه، والظن فيه والاستشعار بمثابة التحقق، وهذا معلوم في العادة.

٥٢٢٥ - ومن تمام البيان في ذلك أن المسائل التي حكينا النصَّ، وتردُّدَ الأصحاب فيها في إبدال الزاد وجَبْر النقصان مصوّرةٌ فيه إذا ذكر المكتري أنه يحمل خمسين منّاً من الزاد مثلاً، فإن لم يجر للزاد ذكرٌ، والطعام موجود، فالذي عليه التعويل أن المكتري لا يحمل شيئاًً، وليس القول في ذلك كالقول في المعاليق؛ فإن المسافر لا يخلو عن المعاليق، والعادات مضطربة في حمل الطعام، إذا كان موجوداً في المنازل.

وأبعد بعضُ أصحابنا كما قدمنا، فألحق حملَ الطعام بالمعاليق.


(١) (د ١): تحقيق العقد.