للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن فرعنا على هذا الوجه الضعيف، وجوزناً له أن يحمل مقداراً من الطعام، ورجعنا فيه إلى عادة المسافرين، فالظاهر في التفريع على هذا المنتهى أنه إذا نقص شيء من الطعام، لم يجبره؛ فإن المعتمد في المسائل المتقدمة أن المكتري ذكر مقداراً من الزاد، فاقتضى اللفظُ استدامةَ ذلك المقدار، فإذا لم يجر ذكرُ مقدارٍ، ووقع التعويل على العادة المجردة، فالعادة تقتضي أن الطعام لا يزاد كلما نقص.

٥٢٢٦ - وذكر بعض الأصحاب وجهاً بعيداً في جواز الزيادة، وهذا على نهاية

الضعف؛ فإنه تفريع ضعيف على أصلٍ ضعيفٍ. نعم، إذا لم يكن بين يدي المسافر طعام في المنازل، أو كان ولكن بسعر زائد، فالعادة تقتضي الاستظهار بالزاد، ويعود الكلام الآن إلى المقدار، وفيه جهالة، فيتصل ترتيب المذهب في هذا المقام بالمعاليق؛ فإنها معتادة محمولة. هذا منتهى البيان في ذلك.

فصل

قال: " وإن أكراه إلى مكة، فشرط سيراً معلوماً، فهو أصح ... إلى آخره (١).

٥٢٢٧ - إذا اكترى دابةً ليركبها، أو يُحمّلها إلى موضعٍ مخصوص، فإن ذكرا قدرَ السير كلَّ يوم، وأبانا أنهما يسيران خمسة فراسخ، أو أقلَّ، أو أكثر على ما يتوافقان عليه، وكانت الدابة تحتمل ذلك، فالشرط متبع.

وإن لم يذكرا مقدار السير، وأطلقا العقدَ، نُظر: فإن لم (٢) يكن في الطريق مراحلُ معلومةٌ، كطريق سماوة (٣)، وتبوك، فالمذهبُ الصحيح أن العقد يفسد؛ فإن المقصود فيه مجهولٌ، غيرُ متقيّد بلفظٍ، ولا عادة. ومن أصحابنا من صحح الإجارة، وتشوّف إلى ضبط السير بالزمان، مع الاقتصاد في المسير.


(١) ر. المختصر: ٣/ ٨٣.
(٢) (د ١): فإن كان.
(٣) السماوة: بادية السماوة بين الكوفة والشام.