للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ما ذكرناه من التطويل، [والتفصيل] (١) وإن كان مُقيداً في نفسه، فلا جدوى فيه فيما نحن فيه، كما سيتبين في الطريقة الثانية.

هذا بيان المسلك الأول.

٥٢٦٠ - الطريقة الثانية - قال معظم المحققين: الأجير لا يضمن ما يتلف تحت يده من غير عُدوان وتقصير، قولاً واحداً، ويده يد أمانة. وقد حكى الربيع " أن الشافعي كان يرى أن الأجراء لا يضمنون، ولكنه كان لا يبوح به لأجراء السوء، وكان يرى أن القاضي يقضي بعلمه، وكان لا يبوح به لقضاة السوء ". ووجه ذلك في القياس واضح لا حاجة إلى تكلف بيانه.

وهذا القائل يقول في قول الشافعي: " لا يجوز في الأجير إلا واحدٌ من قولين ": لم يُرد الشافعيُّ به ترديدَ القول، وإنما قصد محاجة أبي حنيفة (٢)، فإنه يقول: ما يتلف بعمل الأجير، وإن اقتصد فيه يضمنه، وما يتلف تحت يده من غير صُنعه لا يضمن، فقال: لا يجوز إلا واحدٌ من قولين: إما ألا يضمن أصلاً، وإما أن يضمن كيف فرض الأمر، سواء تلف بآفة أو بصنعٍ هو مأذون فيه، فرجع قوله إلى الرد على من فصل بين أن يتلف بصُنعه أويتلف بآفة.

هذا بيان طرق الأصحاب.

٥٢٦١ - ثم إن جعلنا يدَ الأجير يدَ ضمان، فلو تلف تحت يده بآفةٍ، ضمن، ولو تلف بصُنعه، ضمن. وإن قلنا يدُه ليست يدَ ضمان، فلو تلف بآفة، لم يضمن، [وإذا تلف] (٣) بسبب عمله، نُظر: فإن جاوز الحدَّ، وتعدَّى في عمله، ضمن، وإن اقتصر واقتصد، ولم يجاوز الحدّ، فلا ضمان أصلاً، ولا أثر للعمل من غير تفريط وعدوان، عند أصحابنا.

وقد يخطر للفقيه على قياس [قول] (٤) الشافعي أنا إذا جعلنا يدَ الأجير يدَ الضمان،


(١) في الأصل: في التفصيل.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٨٥، مسألة: ١٧٦٧، المبسوط: ١٥/ ٨٠، إيثار الإنصاف: ٣٣٥.
(٣) في الأصل: فإذا أتلفه.
(٤) في الأصل: مذهب.