للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاصياً، ويده يدُ عدوان، فيلتزم كمالَ الضَّمان. ولو تلفت الدابة والحالة هذه بآفةٍ سماوية، فيجب ضمانُها أيضاً، وإن لم يكن التلف بسبب العدوان.

ولو كان المكتري يكتال بمرأًى من مالك الدابة، فكان يراه يزيد، فسكت، ولم ينكر، فحكم أجرة المثل، وضمان الدابة لو تلفت كما ذكرناه، وسكوتُ المالك على سبب الضمان، لا يغيّر حكمَ وجوبه.

٥٢٧٥ - ولو اكتال المكتري وزاد، ولكنه سلّم إلى المكري، حتى تولى الحملَ بنفسه، وكانت اليدُ له في دابته، قال الأئمة: إن كان المكري عالماً بما جرى، فلا يستحق للزيادة أجرَ المثل؛ فإنه تعاطى حملها، ولو تلفت الدابة، فلا يستحق ضماناً على المكتري؛ فإن المالك هو الذي تعاطى سببَ الهلاك بنفسه، مع العلم بحقيقة الحال.

وهذا الذي ذكروه في نفي الضمان سديدٌ، فأما نفي أجرة المثل في الزيادة، ففيه نظر، ولا أقل من أن يُحمَلَ ذلك على استعمال إنسان، أو استعمالِ دابته من غير ذكرِ الأجرة، وفي ذلك تفصيل سيأتي مشروحاً، إن شاء الله عز وجل.

فأما إذا زاد المكتري، وسلّم إلى المكري، فحمل المكري على الدابة، مع الجهل بحقيقة الحال؛ فقد قيل: يستحق الأجرة (١) في مقابلة الزيادة، ويثبت الضمان لو تلفت الدابة؛ فإن المكري لم يرض بهذه الزيادة إذا (٢) كان جاهلاً بها.

٥٢٧٦ - وهذا فيه فضل نظر. فأما الضمان، فقد تعاطى المالك بنفسه حَمْلَ الزيادة


(١) هنا خلل غريب في سياق نسخة (د ١)، فقد أقحمت في السياق إحدى عشرة ورقة، ومن العجيب أن الخلل ليس في رؤوس الصفحات، فقد انتقلت من ص ٣٩ س١ من منتصفه، إلى ص٥٠ س١ من نهايته، مما يشهد بأن الخلل كان في الأصل المنقول عنه، وليس من عمل ناسخ نسختنا هذه (د ١) وهذا المقدار (إحدى عشرة ورقة) يشهد بأن سبب الخلل أن ناقل الأصل المنقول عنه، وضع كراسة كاملة في غير مكانها، ونسخها في غير سياقها، فقد كانوا يقسمون الكتاب إلى كراسات كل كراسة عشر ورقات، وهذا بعينه نظام الملازم الذي يتبع الآن في المطابع، حيث يقسم الكتاب إلى ملازم، كل ملزمة ثماني ورقات.
(٢) في الأصل، كما في (د ١): إذا. وهي بمعنى (إذ) وهو استعمال سائغ، كما أشرنا إلى ذلك مراراً.