للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضُ الأئمة: قوله " تحمل كلّ صاعٍ بكذا من هذه الصبرة " بمثابة قوله: " تحمل هذه الصبرة كل صاع بكذا ". وكذلك القولُ في البيع. وهذا متجهٌ في المعنى، وإن كان بعيداً في الحكاية، ووجهه أن قوله: " تحمل كل صاع من هذه الصبرة " عبارةٌ تشمل جميعَ الصّبرة من غير اختصاص بمقدار.

٥٢٧٢ - فأما صورة مسألة الكتاب، فهي أن يقول: تحمل عشرة آصاع من البُرِّ بكذا، وما زاد، فبحسابه. قال الشافعي: الاستئجار صحيح في المقدار المبين، وهو فاسد في الزيادة، أما الفساد في الزيادة، فمن قبل الجهالة؛ فإنه لم يذكر للزيادة ضبطاً، لا بإشارة، ولا بإعلام المنتهى، [فأما] (١) علة الصحة في المقدار المذكور، [فهي] (٢) أنه صحيحٌ لو فرض الاقتصار عليه، والزيادة المذكورة لم تذكر على صيغةٍ تتضمن إلزامَها، واشتراطَها في العقد مع المذكور المقدّر، فليست معقوداً عليها مع المقدّر، ولا مشروطة في العقد الوارد على المقدّر.

فإذا ثبت ما ذكرناه في ألفاظ العقد، فقد قال الشافعي بعده: لو حمل مكيلةً، فوجدها زائدة ... إلى آخره.

٥٢٧٣ - إذا استأجر دابة ليحمل عليها مقداراً مُقدَّراً: عشرةَ آصعٍ مثلاً، فاتفق حملُ أحدَ عشرَ، فلا يخلو إما أن يحصل هذا التعدي من المكتري، أو من المكري، أو من أجنبيٍّ سواهما.

٥٢٧٤ - فإن (٣) حصل التعدي من المكتري، وكان تولّى بنفسه الاكتيالَ، فزاد على المشروط، وحمل على الدابة، فانفرد باليد في الدابة، وكان مالكها سلّمها إلى المكتري، فنقول: إن سُلمت الدابة، فعلى المكتري الأجرةُ المسماةُ في مقابلة المذكور المشروط، وعليه أجرةُ المثل في مقابلة الزائد، ولو تلفت الدابة في يده، ضمن في هذه الصورة كمالَ قيمتها؛ وذلك لأنه لما حمَّلها أكثرَ مما تستحق، صار


(١) في الأصل: وأما.
(٢) في الأصل: فهو.
(٣) (د ١): أما إذا حصل.