للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤدي إلى هلاكه، أو تعييب عضوٍ من أعضائه؛ فإن تأديبَه في الشرع، مشروطٌ بالسلامة. ولو كانت العرامة (١) التي به لا تزول بالضرب الخفيف، وكان يظهر أن إمكانَ زوالها يقتضي ضرباً عنيفاً مخوفاً، فلا يجوز أن يُضرب ضرباً عنيفاً، وإن كان زوال العرامة موقوفاً عليه.

فإن فرض تأديبٌ لا يقصد في ظاهر الظن بمثله الإهلاكُ، فاتفق التلف منه، تعلق الضمان به. فإن قال المؤدب: قد اقتصدتُ، واقتصرتُ على حدّ الأدب، فقد جوزتم لي هذا القدرَ، فلم تثبتون الضمان فيما جوزتموه؟ قلنا: لا يتصور التلفُ إلا بمجاوزة الحدّ في كيفية الضرب، أو مقدارِه، أو محلِّه، أو زمانه، وقولُ القائل وقع التلفُ وفاقاً عريٌّ عن التحصيل؛ فإن القتلَ لا يقع وفاقاً إلا بمجاوزة حدٍّ من الحدود التي أشرنا إليها. ثم إذا حصل التلف، وبان أن سببَه مجاوزةُ الحد، وكان التأديب مشروطاً بتوقي [التَّلف] (٢)، وجب الضمان.

٥٢٩٢ - ثم ما جرى شبهُ عمدٍ، ولا يخفى الكلامُ في متعلّق ضمانه، فالدية على العاقلة، وهي مغلظةٌ، والكفارة على الضارب.

٥٢٩٣ - والزوج إذا أدّب زوجتَه، فالكلام فيه على نحو ما ذكرناه.

٥٢٩٤ - ولو كان أذن الولي للمؤدب في الضرب العنيف، فلا حكم لإذنه، مع نهي الشرع عنه، ولا يتعلق بالولي الضمانُ لإذنه.

٥٢٩٥ - وأبو حنيفة (٣) رضي الله عنه لا يوجب الضمانَ في تأديب الصبي إذا أفضى


(١) العرامة: الشراسة والشدة، من قولهم: عَرُم فلان يعرُم (بالضم فيهما) عرامةً وعُراماً إذا شرس واشتد. (المعجم).
(٢) في الأصل: المتلف.
(٣) قال السرخسي في المبسوط (١٦/ ١٣): "فإن ضربه بغير إذن الأب، فلا إشكال في أن يكون ضامناً، وإن ضربه بإذن الأب، فلا ضمان عليه في ذلك؛ لأنه غير متعدٍ في ضربه بإذن الأب.
ولو كان الأب هو الذي ضربه بنفسه فمات، كان ضامناً في قول أبي خنيفة، ولا ضمان عليه في قول أبي يوسف ومحمد، وهما يدعيان المناقضة على أبي حنيفة فيقولان: إذا كان الأستاذ لا يضمن باعتبار إذن الأب، فكيف يكون الأب ضامناً إذا ضربه بنفسه؟ لكن أبا حنيفة رحمه الله=