للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى إهلاكه، مَصيراً إلى أن المرعي مصلحته، وأوجب الضمانَ على الزوج إذا أدّب زوجتَه، وأهلكها، وقال: مطلوب الزوج أن تصلح الزوجةُ له، فإذا هلكت، ضمنها.

وهذا كلامٌ ساقط؛ فإن التأديب المهلك، لا استصلاح فيه.

٥٢٩٦ - ولو سلّم مالكُ العبد عبدَه إلى من يعلّمه، وسوغ له من تأديبه ما يسوغه

الشرع، فالقول في وجوب الضمان إذا أدى التأديب إلى التلف ما ذكرناه في الصبي.

ولو أذن له المالك في الضرب العنيف المخُوف، فإذا ارتسم المأمورُ رسمَه، ولم يتعدّه، فأدى إلى التلف، لم يضمنه لمالكه، وإن تعدى، وظلم؛ فإن حق المالية في رقبة العبد للمولى.

ولو أباح دمَه، لم يحلّ للمأمور بقتله أن يقتله، ولكن لو قتله، لم يضمنه.

٥٢٩٧ - ولو عزر السلطانُ في أمرٍ يتعلق بحق الله وأدى التعزيرُ إلى التلف، وجب الضمان. ثم في محله قولان: أحدهما - أن محلّه عاقلتُه المختصون به. والثاني - أن محله بيتُ المال. وسيأتي شرح ذلك في موضعه، إن شاء الله - ولكن إذا انتهى نظمُ كلامٍ إلى حكمٍ، فلا بد من الرمز إلى أصله، مع إحالة البيان على موضعه.

ثم إن أوجبنا الضمان على عاقلته، فالكفارةُ يختص وجوبها به، لا تحملها العاقلةُ. وإن ضربنا الغرمَ على بيت المال، ففي ضرب الكفارة عليه قولان، سيأتي ذكرهما، ومأخذ وجوب الضمان أن التعزير لحق الله تعالى يجري مجرى التأديب، وهو مشروط بالسلامة.


=يقول: ضربُ الأستاذِ لمنفعة الصبي لا لمنفعة نفسه، فلا يوجب الضمان عليه إذا كان يأذن وليه، فأما ضرب الأب إياه لمنفعة نفسه؛ فإنه يغير سوء أدب ولده، فيتقيد بشرط السلامة، كضرب الزوج زوجته لما كان لمنفعة نفسه ". اهـ ..
والواقع أنه لا مناقضة في كلام أبي حنيفة رضي الله عنه، حيث علق الحكم بالمصلحة، فمن يؤدب لمصلحة نفسه كالأب والزوج يضمن، ومن يؤدب لمصلحة غيره بإذنه كالمعلم، لا يضمن. على حين علّق الآخرون الحكم بالإذن، وقد ألمع إلى هذا السرخسي رحمه الله.