للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعدوان في الزيادة، فإن من يبغي القَباء يَزيد بعد هذا القطع قطعاً، وذلك هو المضمَّنُ، وهذا يتضمن تضمينه ما بين القطعين.

٥٣١٥ - وبنى الأئمة هذين القولين على أن الوكيل بالبيع إذا باع بغبن فاحش، وفاتت العين، فماذا يضمن؟ وفيه قولان -نص عليهما في الرهن اللطيف (١): أحد القولين- أنه يضمن كمال قيمة العين، والقول الثاني - أنه يغرَم المقدارَ الذي لو باع به، لنفذ، ويُحطّ عنه ما يتغابن الناس بمثله. وقد ذكرنا حقيقة هذين القولين. ووجْهُ بناء القولين في مقدار الضمان في مسألتنا على هذا ظاهرٌ من طريق اللفظ.

ولست أوثر هذا البناء؛ فإن مَن يوجب ما بين القطعين يأخذ مذهبه ممّا أشرت إليه، من جريان ابتداء القطع على حسب الإذن، كما ذكرته. وإذا كان مأخذ تعليل الضمان هذا، فلا مناسبة بين هذا الأصل، وبين ما ذكرناه في الوكيل.

٥٣١٦ - وأنا أقول: لو كان القطع المنفي باليمين على وجهٍ لا يترتب شيء منه على جنس القطع المأمور به، فيجب القطعُ بإيجاب تمام الضمان، وإنما يختص القولان بالصورة التي ذكرناها، وهي أن يجري ابتداء القطع على حسب الإذن، ثم يترتب عليه قطعٌ يخالف الإذنَ، ثم الأصح في صورة القولين إثباتُ تمام الضمان؛ فإن بعض الإذن لا ينفع مع العدوان. ولهذا قلنا: إذا تعدى القصار، وزاد في الدّق، ضمن التمامَ وإن كان بعضُ الدقات مأذوناً فيه.

٥٣١٧ - وإن قلنا: إنهما يتحالفان، فيترتب على جريان التحالف سقوطُ الأجرة؛ فإن من ضرورة التحالف انتفاء الإذن، وانقطاعُ العقد، وهذا يقتضي سقوط الأجرة.

ثم ذكر العراقيون في التفريع على قول التحالف قولين للشافعي منصوصين، في أن الخياط هل يضمن؟ أحدهما - أنه لا يضمن؛ فإن الذي يقتضيه الإنصاف أن تسقط الأجرة ويسقط بإزائها الضمان، وبهذا يحصل الاعتدال في الجانبين.


(١) (الرهن اللطيف) عنوان ضمن كتاب الرهن في كتاب الأم، وهو بلفظ (الرهن الصغير) وتحته اختصار وزيادات لكتاب الرهن.