للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني - أن الضمان يثبت؛ لأن المتعاقدَيْن إنما يتبارآن إذا رجع كلٌّ إلى ما كان عليه قبل العقد، وصاحب الثوب يقول: هذا الثوب رددتموه عليَّ مقطعاً على خلاف إذني، وقد انتفى العقد، فضمّنوه لي. وهذا القول مشكلٌ؛ من جهة أنه يضاهي [تصديقنا] (١) صاحبَ الثوب، ويسقط أثر تحليفنا الخياط، ولو قدّرناه ناكلاً عن اليمين، لما لزمه إلا هذا، واليمين التي لا تجرّ نفعاً، ولا تفيد دفعاً لا معنى فيها.

وسبب جريان هذا القول ضعفٌ في (٢) أصل التحالف؛ فإن ملك الإنسان إذا غُيّر عليه والقول قوله في نفي الإذن فيه، فالتحالف يبعدُ في هذه الصورة، فإذا قيل به، ثم رجع في عاقبته إلى إبطال أثر التحالف، كان تناقضاً، ولا (٣) يستدّ على القول بالتحالف إلا سقوطُ الغُرم، في مقابلة سقوط الأجرة.

٥٣١٨ - ومما يتعلق بتمام البيان في المسألة أن الخياط إذا أسقطنا أجرتَه، لو قال: كانت الخيوط لي، وأنا أنزعها؛ [فإنها تبعت عملي الموجب للأجرة] (٤)، فإذا كانت الخيوط له، فله نزعها إذا كانت متقوّمة منتفعاً بها بعد النزع.

ثم قال الأصحاب: إذا نزعها، يغرَم ما دخل الثوبَ من النقص بسبب نزع الخيوط، كما إذا صبغ ثوبَ الغير بصبغ من عنده، ثم نزع الصبغ، فإنه يضمن لمالك الثوب أرشَ النقص، الذي يلحقه بسبب نزع الصبغ، كما قدمنا تقريره.

وهذا يستدعي مزيد نظر، فإن قلنا: لا يجب الضمان على الأجير، تفريعاً على قول التحالف، فإذا نزع، فقد أحدث نقصاً؛ [إذ] (٥) ردَّ الثوب قِطَعاً؛ فيغرم ما بين الثوب مخيطاً، [وبين] (٦) القِطَع.

وإن قلنا: إنه يضمن نقصان القطع في الأصل، فقد ضمّناه أرشَ نقصان التقطيع


(١) في الأصل: تصديقاً.
(٢) (د ١): ضعف أصل التحالف.
(٣) (د ١): فلا.
(٤) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٥) في الأصل: إن.
(٦) في الأصل: أو بين.