للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٣٥٧ - ولو أذن الزوج لزوجته الحرة في أن تؤاجر نفسَها، صح ذلك منها، ثم يجب الوفاء بموجَب الإجارة.

ولو كانت آجرت نفسَها للإرضاع، قبل أن نَكَحت، ثم نَكَحت، فطريان النكاح لا يغير أمرَ الإجارة، ويجب عليها الوفاء بمقتضى الإجارة، حتى قال الأصحاب: لو كنا نخشى من وطء الزوج إياها أن تعلَق، وتحبَل، فإذا حبِلت، قلّ اللبن، وفسد، فالزوج ممنوعٌ عن (١) وطئها؛ فإن حقَّ الإجارة تأكد أولاً، ثم طرأ النكاح، ومنع الزوج من الوطْء المؤثر في مقصود الإجارة بمثابة منع الراهن من وطْء الجارية المرهونة.

ولو فرضنا الإجارة بعد النكاح واردةً على ذمة المرأة، لصحت؛ فإن ذلك لا ينافي حقَّ الزوج؛ من جهة أنها لو أرادت تحصيلَ ما التزمته بأن تستاجر، كان لها ذلك، وهذا لا يزاحم حقَّ الزوج.

ثم إذا انعقدت الإجارة على ذمتها، فوجدت في خَلَل الأيام فرصة، واستمكنت من توفية بعض العمل بنفسها، فلها ذلك؛ فإن معتمد الإجارة الذمة. وهذا واضحٌ.

٥٣٥٨ - ومما يتعلق بهذا الفصل أن المرأة إذا آجرت نفسها لإرضاع ولدٍ، ولم تكن ذات زوج، أو كانت ذاتَ زوج، وقد جرت الإجارة بإذن الزوج، فيجب عليها توفيةُ المنفعة بكمالها، فلو مات ذلك المولود الذي استؤجرت المرضعة لإرضاعه، فتفصيل القول في هذا يستدعي تقديمَ أصلٍ مقصودٍ في الإجارة، فنقول:

٥٣٥٩ - من استأجر دابةً معينةً لمنفعة معلومة، فلو تلفت الدابة، ترتب [على تلفها] (٢) انفساخُ الإجارة لا محالة؛ فإن المعقودَ عليه قد مات، ولو مات المستأجر للدابة أو مُكريها، لم يؤثر موتُ واحدٍ منهما في الإجارة، وقد مهدنا هذا في صدر الكتاب، إذ قلنا: لا تنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين، والجملة المرعية فيه أن المكتري مستحِقٌ مستوفٍ، والحقوق يرثها الورثةُ، وتبدُّلُ المستوفي غيرُ ضائر، وقد قدمنا أن المستأجر لو أجر ما استأجره، جاز ذلك، ولو أقام غيره مقام نفسه، لم يمتنع.


(١) سبق أن أشرنا أن (عن) تأتي مرادفة لـ (مِنْ).
(٢) في الأصل: عليها.