٥٣٦٠ - ولو استأجر أجيراً ليعمل في عينٍ من الأعيان عملاً، مثل أن يقول: استأجرتك لتخيط هذا الثوبَ، فلو تلف ذلك الثوبُ المعيّن، فقد ذكر العراقيون في انفساخ الإجارة وجهين: أصحهما - أنها لا تنفسخ؛ فإن العمل لا يتعذّر، ومن الممكن الإتيانُ بثوبٍ آخر يضاهي ذلك الثوبَ، وليس الثوب معقوداً عليه في نفسه.
والوجه الثاني - أن العقد ينفسخ بتلف محل العمل، فإنه كان متعيَّناً في بقائه (١)، فإذا فات، انقطع العقد. وهذا وجهٌ ضعيف.
وينبني على ما ذكرناه تمامُ التفريع.
٥٣٦١ - فنقول: إن حكمنا بانفساخ الإجارة، فلا كلام، وإن حكمنا ببقائها، فلو أتى المستأجر بثوبٍ آخر، وأمر الأجير أن يُوقع العملَ المستحَقَّ عليه في الثوب الثاني، جاز ذلك.
ولو قال المستأجر: ليس عندي ثوبٌ آخر، أو قال: لست آتي بثوبٍ آخر، والثياب عتيدةٌ عندي، فكيف السبيلُ فيه؟ ذكر العراقيون وجهين وأطلقوهما، ثم فصلوهما على أحسن وجهٍ في البيان: قالوا: من أصحابنا من قال: إن لم يأت المستأجر بعينٍ أخرى عن عجزٍ، أو عن امتناع، ومضت المدة التي يتأتى في مثلها العملُ لو صادف محلاً، استقرت الأجرة المسماة؛ فإن الأجير مسلِّمٌ نفسَه، لا امتناع منه.
والوجه الثاني - أن الأجرة لا تستقر، [وإذا مضت المدةُ، انفسخت الإجارةُ.
ويتأتى أن نعبر عن هذين الوجهين بتخير المستأجر في وجهٍ وعدم تخيّره في وجه.
٥٣٦٢ - ولا يتضح الغرض ما لم نكشف الأصلَ فيه، فالأجير الحر إذا سلّم نفسه إلى المستأجر، والإجارة واردةٌ على عينه، فلم يستعمله المستأجر حتى انقضت المدة، ففي استقرار الأجرة وجهان: أحدهما - أنها تستقر، كما لو سلم مكري الدار الدارَ إلى المستأجر، فلم ينتفع بها، وانقطعت المدة، والدار تحت يده.
(١) في بقائه: أي لو لم يتلف يكون متعيَّناً للعمل ومحلاً له، ولا يجوز إبداله.