أمانة، أو يدُ ضمان قريب، ويؤول الكلام إلى تقوية قولٍ، وتضعيفِ قولٍ، كما قدمتُه في تضمين الأجراء.
ثم إن جعلنا يدَ الأجير يدَ ضمان، فيده كيد المستعير، وفي كيفية الضمان على المستعير القولان المشهوران: أحدهما - أنه كضمان الغصب، والثاني - أنه ليس كضمان الغصب.
٥٣٧٦ - فأما إذا كان سببُ العيب أو التلف الفعلُ، وهو مقتصدٌ مأذون فيه، فلست أرى لإيجاب الضمان وجهاً. ولو أذن المغصوب منه للغاصب في إتلاف العين، فأتلفها، لم يلتزم الضمان، ولكن الذي ذكره الأصحاب في الطرق تخريج التلف بالفعل على التلف بآفة سماوية.
والأجير المشاهَد إذا قَصَر، وما فرّط وما قصّر، فإن الأصحاب لم يصرِوا إلى إيجاب الضمان عليه؛ إذ لا يدَ له، والفعل مأذون فيه، وانفرد أبو سعيد الإصطخري بإيجاب الضمان على الأجير المشاهَد إذا عمل، واقتصد وأدى عملُه إلى التلف، أو التعيُّب، على ما حكاه العراقيون عنه، وهذا متروكٌ عليه، وليس معدوداً من المذهب، وهو كثير الهفوات في القواعد، ولا شك أنه لم يوجب الضمان على المشاهَد بسبب اليد؛ فإن اليد للمالك الكائن معه، وإنما أوجبه للفعل، وهذا ينافي قاعدةَ الشافعي؛ فإن الفعل مأذون فيه، وقد صوّرناه مقتصداً، وضمان الأجراء يأتي على قول التضمين من جهة اليد؛ لا من جهة الفعل. وإنما ربط الضمان بالفعل أبو حنيفة، لما قال: لو تلفت العين في يد الأجير بآفةٍ، لم يلزم الضمان، ولو تلفت بسبب الفعل المستدعى يجب الضمان.
٥٣٧٧ - ومما يتعلق بمضمون الفصل أن الأجيرَ لو قصَرَ الثوبَ، كما رُسم له، ثم جحد الثوبَ، وتلف في يده، فضمان الثوب واجبٌ، لمكان الجحود؛ فإنه عُدوان يناقض الأمانة، ويضمنُ به المودَع.
٥٣٧٨ - والكلامُ في استحقاق الأجرة، فنقول: إن قَصَر أولاً، ثم جحد، استحق
الأجرة، فلو اعترف بعد الجحود، وردَّ الثوب مقصوراً، طلب الأجرَ. ولو جحد