للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً، وقصر الثوبَ جاحداً، ثم اعترف، ورد الثوبَ، ففي استحقاق الأجرة وجهان: أحدهما - أنه يستحق الأجرة لإيفائه العمل المعقودَ عليه، ووقوعه على حسب الاستدعاء.

والوجه الثاني - أنه لا يستحق الأجرة، فإنه أضمر أن يعمل لنفسه لمّا جحد، ثم قصر، فلا يستحق لذلك أجراً. والوجهان في ذلك كالقولين فيه إذا نوى الأجيرُ على الحج [الحجَّ عن] (١) مستأجِره أولاً عند العقد، ثم صرف النية إلى نفسه، ظاناً أن الحج ينصرف إليه، فنقول: الحج يقع عن المستأجِر، وفي استحقاق الأجير الأجرةَ قولان، مأخوذان من الأصل الذي ذكرناه.

٥٣٧٩ - ومما يتعين تجديد العهد به، وعليه تتفرع مسائل مهمّة أن القِصارة إذا وقعت من القصَّار، فهي أثرٌ أم هي نازلةٌ منزلةَ الأعيان؟ وفيه قولان مشهوران، ذكرناهما في كتاب التفليس، وتناهينا في تقريرهما، وبيانهما، ونبهنا على غلطاتٍ لبعض المفرّعين [فيهما] (٢)، ونحن الآن نذكر في هذا المقام ما يليق بالتفريع عليهما، فنقول أولاً:

٥٣٨٠ - إذا صبغ الأجير الصبّاغُ الثوبَ بصِبغٍ من عند نفسه، وظهرت قيمةُ الصبغ زائدةً على عين الثوب، فللأجير أن يحبس الثوبَ حتى يستوفي الأجرة؛ لأن له فيها عينُ مالٍ. هكذا أطلقه الأئمة.

٥٣٨١ - وإن كان الأجير قصَّاراً، فقَصَر، فهل يستمسك بالثوب إلى أن تتوفر الأجرةُ عليه؟ فعلى قولين مبنيَّيْن على أنَّ القِصارة أثرٌ أو عين، فإن جعلناها عيناً، جوزنا للأجير التمسكَ بالثوب حتى تتوفر الأجرةُ عليه؛ فإن حقَّه على هذا القول يتعلق بالقِصارة تعلّق استيثاق، كما تقدم إيضاحه في التفليس، ولا يتصور التمسك بالقصارة وحدَها، فيثبت التمسك بالثوب.


(١) عبارة الأصل: " إذا نوى الأجير على الحج مستأجر أولاً عند العقد " وفي نسخة (د ١): " إذا نوى الأجير على الحج مستأجره أولاً عند العقد والمثبت تصرف من المحقق رعاية للمعنى.
(٢) في الأصل: منهما.