للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يسلِّط على القلع وراء المدة، وإنما صار إلى القلع أبو حنيفة، والقلع محتمل من طريق المعنى. فإن ذكرنا هذا الاختلاف في العارية المؤقتة، فهو المراد، وإن لم نذكره، تعيّن إلحاقه؛ إذ لا فرق بين التأقيت في العاريّة، وبين التأقيت في العقد على الوجه الذي وصفناه.

٥٤٣٩ - ولا ينبغي أن يغتر الفقيهُ بفرقٍ لا أصل له؛ فيقول: إذا صححنا العقد في مسألتنا، تضمن ذلك حصرَ الاستحقاق في المدة المذكورة، وهذا الانحصار يوجب الفرقَ بين المدة وبين ما وراءها، بخلاف العاريّة، فإنه لا استحقاق فيها، والأمر محمولٌ على مكارم الأخلاق، والمساهلةِ ابتداءً ودواماً. وهذا لا يتحصل (١) مع القطع باستواء الأصلين في جواز اشتراط القلع صريحاً، وإذا جاز ذلك في الموضعين، فإشعار التأقيت المطلق بالقلع في الموضعين على وتيرة واحدة.

٥٤٤٠ - ومما يتعلق بهذا المنتهى أن من استأجر أرضاً مدة لزرعٍ، فكانت المدة تسع ذلك الزرعَ غالباً، فلو زرعها المكتري زرعاً تطول مدتُه، وتزيد على المدة المذكورة، ولكن كان إضرار ذلك الزرع بالأرض كإضرار الزرع المذكور، من غير مزيد، فإذا اتفق الزرعُ، فلا شك أنه مقلوع عند منتهى المدة المذكورة؛ من جهة أن المكتري فرّط، إذ عدَل عن النوع المشروط، والمدة تَسَعُه، إلى النوع الذي لا تسعه المدة.

ثم لو أراد المكري قلعَ الزرع في أثناء المدة؛ [بناءً] (٢) على أن له أن يقلعه وراء المدة، لم يكن له ذلك؛ فإن المنفعة في المدة مستحقة للمكتري، وليس في ترك الزرع إضرارٌ، فيجب إدامتُه إلى انقضاء الوقت.

وهذا بيّن بعد (٣) الزرع.

٥٤٤١ - ولو همّ المكتري بابتداء الزراعة فأراد المكري منعَه من الابتداء، فقد ذكر العراقيون: أن له أن يمنعه من الابتداء.


(١) (د ١): تحصيل.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) يمهد بهذه الجملة للمسألة الآتية، وهي حكم منعه قبل الزرع.