للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو استأجر مثلَ هذه الأرض للزراعة، ولم يتعرض [لنفي] (١) الماء والشِّرب.

فالذي يظهر من كلام الشافعي، وهو اختيار القفال أن الإجارة فاسدة؛ فإنه إذا لم يكن للأرض شربٌ معلوم، فبناء الزراعة على وقوع القطر غررٌ، والغرر مجتنبٌ في العقود.

وقال القاضي: ينبغي أن يصح اكتراء مثل هذه الأرض للزراعة؛ بناءً على الغالب، واحتَجَّ عليه بأن الأرض إذا كان لها شِرب معلوم، فاستئجارها للزراعة جائز، ولسنا نقطع ببقاء ذلك الشِّرب؛ فإن انقطاعَه ممكنٌ، ولكن حُمل تصحيح الإجارة للزراعة على ظاهر الحال، ووقوع هذا الغالب في المطر بمثابة وقوعه في الشرب من النهر العِدِّ (٢)، والعين الفوارة بالماء.

٥٤٥٥ - فالقاضي يقول إذاً: يصح الاستئجار للزراعة مطلقاًً من غير تعرض لذكر الماء؛ بناءً على الغالب، والقفال يقول: لا يصح الاستئجار للزراعة بناء على المطر، وما في معناه، ثم في قول القفال تردُّدٌ نُنبِّه عليه.

٥٤٥٦ - أما إذا لم يجر لنفي الماء ذكر، فالاستئجار للزراعة باطلٌ عنده، وإن ذكر المتعاقدان أن الأرض لا ماء لها على علمٍ، ثم جرى الاستئجار على الزراعة، فالقفال [مُردِّدٌ] (٣) قولَه في ذلك، وهو لعمري محتمل، تفريعاً على اختياره.

فتحصَّل من مجموع ما ذكرناه: أن استئجار مثل الأرض التي نحن فيها للزراعة جائز عند القاضي من غير تعرض لنفي الماء، وهو ممتنع عند القفال، إذا لم يجر ذكرُ نفي الماء العِدّ، وإن جرى ذكرُ نفي الماء، ففي جواب القفال تردّدٌ.

٥٤٥٧ - ومما يلتحق (٤) بهذه الأقسام أن الأراضي التي يسقيها فيضُ النيل إذا امتد،


=وأما (د ١) فعبارتها: "إمكان زراعتها، ووفاء المطر، أو سبيل يتفق تنمية فلو استأجر .... " ولعل كلمة (تنمية الزرع) مقحمة، وبحذفها يستقيم الكلام.
(١) في الأصل: نفي.
(٢) العِدّ: الجاري الذي لا انقطاع له. (المصباح).
(٣) في الأصل: مردود.
(٤) (د ١): ومما يليق.