للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصفتها (١) أولاً: أن النيل إذا زاد أوانَ المدّ، انبسط الماء على الأراضي، [و] (٢) بقي عليها، ثم ينحسر الماء إذا نقص النيل، و [يفيض] (٣) من ماء النيل على الأراضي ما يفيض، ثم إذا انحسر الماء، زُرعت الأراضي، ووقع الاكتفاء بتلك الندوة الواحدة، ولو [مُطر] (٤) أهلُ مصر، فسدت زروعهم.

فهذا معتمد الزراعة في تلك الديار.

والنيل كثيراً ما يخون، فلا يفيض، إذا لم تنته زيادتُه إلى المكان الذي يعرفونه.

فاكتراء هذه الأراضي كيف سبيلها؟ قال الأئمة: إن اكتراها المكتري للزراعة بعد جريان الفَيض والانحسار، والاكتفاء بما جرى، فالعقد صحيح؛ فإن الزراعة ممكنةٌ، ولا حاجة إلى الماء، والماء ليس يُعنَى لعينه، وإنما يعنى لتنمية الزروع، فإذا كانت الأرض مستقلة بندوتها، صح استئجارها للزروع.

ولو استأجر أرضاً من تلك الأراضي قبل الفيض على توقّع مدّ النيل، فهذا ملتحق بالقسم الثاني: وهو إذا كان البناء على رجاء المطر، وليس وقوعه غالباً.

والسبب فيه أن النيل خوّان، ولا يمكن حملُ الأمر فيه على غلبة الظن. وإذا أحلنا هذا على القسم الثاني، لم يخفَ تفصيل المذهب فيه.

ولو كان بالقرب من ضِيفة (٥) النيل أرضٌ يغلب على الظن فيضُ النيل عليها، وإن نقص المدّ. وإنما تتقابل الظنون في الأراضي البعيدة، فالقول في الأراضي القريبة، والظنُّ غالبٌ يلتحق بالقسم الثالث.

وقد فصلنا المذهب فيه.


(١) (د ١): فيفيضها.
(٢) في الأصل: أو.
(٣) في الأصل: ويغيض.
(٤) في الأصل: نظر. ولعلها حرفت عن (قُطر) أي أصابهم القطر.
(٥) ضيفة: الضِّيف (بكسر الضاد المعجمة): الجانب والناحية، يقال: ضِيفُ الوادي، وضيف الجبل. (المعجم). وفي (د ١): ضفة.