للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٤٥٨ - وأما الأراضي التي تبنى زراعتها على مدّ (١) البصرة، فيجوز استئجارها للزراعة مطلقاً باتفاق الأصحاب؛ فإن مدّ البصرة لا يختلف، وهو أثبت من كل ماءٍ عِدٍّ، وشِربٍ معلوم.

ومن أحاط بالأصول التي ذكرناها، لم يخف عليه تفريعُ (٢) المسائل بعدها.

٥٤٥٩ - ومما يتصل بهذا المنتهى كلامٌ للشافعي، ذكره في الأم، فقال: إذا كانت الأرض بقرب نهرٍ، لو ازداد ماؤه، امتنعت زراعتها، ولو انتقص الماء، أمكنت الزراعة، فإذا كان الماء مزداداً، فاستأجرها مستأجرٌ للزراعة، بناء على انحسار الماء، وكان الانحسار موهوماً، لا يغلب فيه ظنٌّ، فالإجارة فاسدةٌ؛ فإن المانع قائم في وقت العقد، وزوالُه موهومٌ، فكأن الاستئجار والحالة هذه بمثابة ابتياع العبد الآبق.

٥٤٦٠ - ولو كان الماء ناقصاً، وكان الانتفاع ممكناً، فجرت الإجارةُ والأرض حالة العقد على هذه الصفة، ولكن كان يُتوقع ازدياد الماء وامتناع الزراعة، فالإجارة تصح، ويعتمد (٣) صحتها انتفاءُ المانع في الحال، وتوهمُ طريان الزيادة المانعة لا حكم له، ولا عبرةَ (٤) بالموهومات، إذا صادف العقدُ حالةَ إنشائه الشرطَ المرعيَّ.

وهذا ننزله منزلة ما لو اشترى الرجل عبداً، وكان إباقه ممكناً بعد العقد، فإمكان ذلك لا يمنع صحةَ العقد. ثم إن طرأ لم يخف حكم طارئه.

وهذا الذي ذكره الشافعي في الطرفين متجهٌ بالغٌ متفَق عليه.


(١) المدّ: السيل، وكثرة الماء، وارتفاع الماء، ضد الجزر. (المعجم). والمراد هنا فيضان النهر بالبصرة.
(٢) عبارة (د ١): ومن الأصول التي ذكرناها ثمّ عليه تفريع المسائل.
(٣) كذا في النسختين. ولعل الأولى: ومعتمد صحتها.
(٤) (د ١): وغيره.