(٢) نلمح هنا تبّرم إِمام الحرمين بأهل الكلام، ولكن الذي نؤكده هو: أنه رفض أن تؤخذ الأحكام التكليفية من غير (ما يتناوله أفهام الناس) ومن غير (ما يقصده أرباب اللسان). (٣) يشير إِلى نص الشافعي في الأم في آخر حديثه عن المياه، حيث قال: "وإذا وقع في الماء شيء حلال فغير له ريحاً أو طعماً، ولم يكن الماء مستهلكاً فيه، فلا بأس أن يتوضأ به، وذلك أن يقع فيه البان أو القطران، فيظهر ريحه أو ما أشبهه. وإِن أُخذ ماء فشيب به لبن أو سويق أو عسل، فصار الماء مستهلكاً فيه، لم يتوضأ به، لأن الماء مستهلك فيه. إنما يقال لهذا: ماءُ سويق ولبن وعسل، مشوب، وإِن طرح منه فيه شيء قليل يكون ما طرح فيه من سويق، ولبن وعسل مستهلكاً فيه، ويكون الماء الظاهرَ، ولا طعم لشيء من هذا فيه، توضأ به، وهذا ماء بحاله". ثم ضرب عدة أمثلة أخرى لتغير الماء وعدم تغيره، ثم ختم كلامه بالجملة التي أشار إِليها إِمام الحرمين، وذلك إِذ قال: "وهكذا كل ما ألقي فيه من المأكول من سويق أو دقيق ومرق وغيره إِذا ظهر فيه الطعم والريح مما يختلط فيه، لم يتوضأ به، لأن الماء حينئذٍ منسوب إلى ما خالطه منها (الأم: ١/ ٦ - دار الشعب- القاهرة). =