للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجارة هل تنفسخ فيها؟ فإن منعنا الانفساخ في تلك المدة، ففي ثبوت الخيار في الفسخ فيها كلامٌ مضى في أحكام التفريق، فإن أثبتنا الخيار للمكتري، ففسخ في الزمان الماضي، سقط المسمى، وغرِم أجرَ مثل ما استوفى من المنفعة، وإن أجاز العقد، ولم يثبت الخيار، استقر عليه من المسمى حصةُ ما استوفى من المنافع.

وقد تمهد أنا كيف نقسط المسمّى على ما مضى وبقي.

هذا الذي ذكرناه قاعدة المذهب والأصل المعتبر.

٥٥٤٢ - وذكر العراقيون في قاعدة المسألة قولاً: أن العقد لا ينفسخ في زمان الغصب، بل يثبت للمكتري الخيارُ، فإن اختار الفسخ في المدة التي مضت في يد الغاصب، فيعود التفريع إلى ما ذكرناه في قاعدة المذهب في الحكم بالانفساخ.

فإن [أجاز العقد] (١)، اتبع المكتري الغاصبَ بأجر المثل (٢)، وكانت المنافع تالفة في ملكه، والتزم كمالَ المسمى للمالك المكري، وعللوا هذا القولَ، فقالوا: تلفُ المنافع في يد الغاصب ينزل منزلة تلف المبيع في يد البائع، بإتلاف الأجنبي، وقد ذكرنا أن إتلاف الأجنبي قبل القبض لا يوجب انفساخ البيع، ولكن يُثبت للمشتري الخيارَ.

وهذا الذي ذكروه غريبٌ جداً لا يعرفه المراوزة، وإن كان جارياً على ضربٍ. من القياس.

ولكن ما يقتضيه النص وقواعدُ المذهب أن المنفعة إذا استوفيت قهراً، [بأن] (٣) استوفاها غاصبٌ، فإنها تتلف على ملك مالك الرقبة، وإنما تثبت أجرةُ المثل للمالك، فإذا وقع تلفُ المنافع على ملكهِ، فلا شك أن العقد ينفسخ فيما تلف على ملك المكري.

وهذا الذي ذكره المراوزة لا يسلّمه العراقيون، بل يقيسونه على إتلاف الأجنبي


(١) عبارة الأصل: فإن أجاز المكتري العقد.
(٢) (د ١): بأجر المنافع.
(٣) ساقطة من الأصل.