للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٥٩٢ - وكنت أود أن نقول: كلُّ ما يحصِّل الملكَ في بُقعةٍ إذا انضم إليه القصد، فإنه يحصِّل الملك، وإن (١) فُرض القصدُ في جهةٍ أخرى.

[والذي] (٢) أراه في ذلك الاستشهاد بالحائط، فالتحويط يملِّك البقعةَ إذا انضم إليه قصدُ اتخاد الحظيرة، فليكفِ مجردُ التحويط [في كل غرضٍ يفرض] (٣). وقد وجدتُ هذا لصاحب التقريب، ولكنه لم يصرح بالقاعدة التي رُمتُها (٤)، بل قال (٥): لو قلتُ في حق من يبغي مسكناً يكفي التحويط فيه، لكان محتملاً.

٥٥٩٣ - وإنما قلنا ما قلنا؛ لأن ما كان سبباً في تملّك مباح، فليس للقصد فيه وقعٌ، فإنّ من كان يتّبع ظبية وكان يبغي امتحانَ شدة سَعْي نفسه، فأدركها، وضبطها، ملكها، وإن لم يخطُر (٦) له قصدُ التملك. ومن احتشّ حشيشاً، وملأ ظرفاً كان معه، فقصد أن يتخد منه مقعداً يجلس عليه إذا ركب، فيملك الحشيشَ، وإن لم يقصد تملّكه، وكذلك القول فيما يداني ذلك، والمتعلَّقُ من جهة النقل فيما ذكرته ما حكيتُه


(١) جواب هذا الشرط مفهومٌ مما قبله، تقديره: فإنه يحصّل الملك أيضاً. وكان العبارة: " كل ما لا يفعله إلا المتملّك يحصّل الملك، انضم إليه القصد، أو فرض في جهة أخرى " كما يتضح ذلك من حكاية النووي والرافعي لكلام الإمام في التعليق الآتي قريباً.
(٢) في الأصل: (فالذي) بالفاء على أنها جواب الشرط. ولكن الواو هنا للاستئناف.
(٣) في الأصل: من كل غرضٍ يطلب. والإمام بهذا يخالف الأصحاب، في اعتبارهم اختلاف صفة الإحياء باختلاف المقصود في المحيا.
(٤) القاعدة التي رامها إمام الحرمين هنا هي النظر إلى اعتبار قصد المحيي، وعدم قصده، وحاصل قوله: " أن ما لا يفعله -في العادة- إلا المتملك كبناء الدار، واتخاد البستان يفيد الملك، قصد أو لم يقصد.
وما يفعله المتملك وغيرُه، كحفر البئر في الموات، وكزراعة قطعة من الموات اعتماداً على ماء السماء، إن انضم إليه قصد أفاد الملك، وإلا، فوجهان.
وما لا يكتفي به المتملك كتسوية موضع النزول، وتنقّيته عن الحجارة، لا يفيد الملك، وإن قصده ". ر. الروضة: ٤/ ٢٩١، وفتح العزيز: ٦/ ٢٤٦.
(٥) في الأصل: بل لو قال: لو قلت.
(٦) يخطُر: من بابي قعد وضرب.