للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الاكتفاء بالتحويط في المسكن. والله أعلم، وإن أصرّ الأصحابُ، وهم كذلك يصرّون في تحصيل الإحياء على حسب المقاصد، فلو شبّبَ [مُشبِّبٌ] (١) بالخلاف فيما استشهدتُ به في الاحتواء على الظبية والحشيش، كان بعيداً (٢).

وقد ظهر اختلاف أصحابنا في صُورةٍ سنذكرها في الصيد والذبائح، وهي أن ظبية لو دخلت داراً فلو قام صاحب الدار إلى الباب وأغلقه، وجرّد قصده إلى أَخْذ الظبية، فهذا يثبت الملك في الظبية، وإن اتّفق منه إغلاق الباب من غير قصدٍ، ففيه اختلافٌ بين الأصحاب، وسيأتي مشروحاً في موضعه، إن شاء الله تعالى.

٥٥٩٤ - والذي ذكرته يجري في كل سبب يشترك فيه وجهان فصاعداً، وهذا كالتكريب، والتقليب، والتسوية، فهذا القدر يكفي في المزرعة، مع تمييز البقعة، والاعتمادُ على ماءٍ؛ عِدٍّ كما وصفناه، وما ذكرناه مقدمةٌ لاتخاد البستان، فيتجه جداً الحكمُ بحصول الملك. ثم [العَامل] (٣) على قصده في استتمام العمارة، والدليل عليه أنه لو كان يبغي بستاناً تَمَثَّلَه في نفسه، وهو على نهاية العمارة، فلا يشترط أن يبلغها، حملاً للعمارة على قصد العامر، وهذا نبنيه على وجهٍ من الرأي مع [تشبّثٍ] (٤) بطرفٍ من النقل، مع الاعتراف بأن طريقة الأصحاب في المسلك الظاهر ما قدمناه.

٥٥٩٥ - ومما يدور في الخَلَد أن الحائط له أثر في اتخاد المسكن، والبستان، والحظيرة، كما أطلقه الأصحاب، ثم لم يتعرضوا لتفصيل الحيطان، ولا نشك أنها تختلف باختلاف المقاصد، فحائط المسكن يزيد على حائط الزريبة، والمعتبر في كل مقصود ما يليق به، فالساكن يزداد قصدُه في التحصين بالجدار على قصد صاحب البستان.

٥٥٩٦ - ومما نختتم به هذه الفصول أن من استفتح حائطاً، وأحكم الأساسَ ورفع


(١) سقطت من (د ١)، (ت ٣)، وحرفت في الأصل إلى (فشبب).
(٢) كذا. ولعلها: " كان مبعداً " كما هو جارٍ في لفظ الإمام.
(٣) في الأصل: "العامر" والمثبت من (د ١)، (ت ٣).
(٤) حرفت هذه الكلمة في النسخ، وهذا عجب من العجب، فقد رُسمت في الأصل هكذا: (تنبّث) وفي (د ١): (تثبيت) و (ت ٣): (التثبت).