للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملح، وهو ينقسم إلى ما ينعقد من ماءٍ ظاهرٍ، وإلى ما يُلفى في الجبال ظاهراً من غير حاجة إلى إظهاره بتنحية التراب والأحجار عنه، والقِيرُ (١) ظاهر، وكذلك النَّفطُ (٢)، والكبريت، والموميا (٣). ويلتحق بالمعادن الظاهرة المياه العِدّة، وهي العيون والأودية، ومن المعادن الظاهرة الأحجار ذوات المنافع الخاصة، كأحجار الأرْحية، وأحجار البَرام (٤)، فإذا كانت ظاهرةً، فهي من المعادن الظاهرة، وإن كان يتعب آخذها باحتفارها وقلعها، وألحق الأئمة بالظاهر ما لو ظهر في مسيل الماء ذهبٌ أو غيره من الجواهر المطلوبة، مما يجرفه (٥) السيل وسال به، وأظهره، فهو الآن بمثابة المعادن الظاهرة.

هذا بيان التصوير.

٥٦١١ - فأما الحُكم، فالأصل في الباب أن هذه المعادن مشتركة بين الناس لا يتطرق إليها اختصاصٌ بمالكٍ (٦) بوجهٍ، ولا يتطرق إليها تخصيصٌ بإقطاعٍ، بل الخلقُ فيها شَرَعٌ، وهي فوضى بينهم لا تحجّر فيها، ولا تملك، ولا إقطاعَ، والأصل في ذلك مع الإجماع ما روي أن أبيض بنَ حمال استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملحَ مأرب، فأقطعه إياه، أو أراد، فقيل: يا رسول الله إنه كالماء العِدّ، فقال عليه السلام: " فلا إذاً " (٧)، وإنما همَّ عليه السلام بالإقطاع لأنه لم يحسبه


(١) القير: هو القار، وهو لغةٌ فيه. (المصباح).
(٢) النَّفطُ: بالفتح أجود، وقيل الكسر أجود (المصباح).
(٣) الموميا: مادة شمعية توجد في الجبال، وهي لفظة فارسية. (المعجم الفارسي العربي الجامع، لواضعه حسين مجيب المصري).
(٤) البَرام: بفتح الباء جمع بُرمة، وهي القدر من الحجارة (المعجم).
(٥) في (د ١)، (ت ٣) جرى. وساغ هنا عطف الماضي على المضارع؛ لأن الشرط اتحاد المعطوف، والمعطوف عليه زماناً، وإن اختلفا في النوع، فالفعل (يجرفه) بمعنى (جرفه)، ومثاله قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّار} [هود: ٩٨] فالفعلان يتحققان في المستقبل، فهما متحدان في الزمن، وإن اختلفا في النوع (ر. النحو الوافي: ٣/ ٦٢١).
(٦) (د ١)، (ت ٣): تملك.
(٧) حديث أبيض بن حمال: رواه الشافعي في الأم: ٣/ ٢٦٥، وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء، باب في إقطاع الأرضين: ٣٠٦٤، والترمذي: الأحكام، باب ما جاء في القطائع: =