للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهراً، وقدّره من المعادن الكامنة، فلما تبيّن له ظهوره، أبى من الإقطاع.

٥٦١٢ - فإذا تمهد ما ذكرناه من حقيقة الاشتراك فيها، [فللسّابق إليها حقٌّ] (١) لا ينكر، وقال الأئمة: من سبق إلى معدنٍ (٢) من هذه المعادن، فهو أحق بها حتى يستوفي حقَّه، لا يزاحمه من يلحقه، وهذا لا موقف فيه يقف الفقيه عنده، ولا توقيف من جهة الشرع يُنتهَى إليه، غيرَ أنا نعلم أن السابق لِحَقِّ سبقه مزيّةٌ، فلو قال الذي يلحقه: نشترك في أخْذِ النّيل، فيأخد وآخُذ، قيل: هذا إبطالٌ لِحَقِّ السبق، وقد اتفق العلماء على ثبوته، وهذا بمثابة إثباتهم حقَّ السبق لمن يسبق إلى مجلس القاضي؛ فإنه يُقدّم بحكومته لحق سبقه، وكذلك السابق إلى المفتي، والعالم المعلِّم (٣).

ولو قال السابق: أُوقر من نيل المعدن أوقاراً كثيرة وأرُدّ الحُمُرَ ذاهبة وجائية، وأنا في ذلك لا أبرح حتى أقضي وطري، قلنا: ليس لك إلا ما يقتضيه العرفُ لأمثالك إذا سبق، فلك ما يعتاده السابق الذي يبغي الرفعَ والانكفافَ، ولا عليك لو [استعنت] (٤) على الاعتياد، فأما ترديد الدواب، فمحاولةٌ للاختصاص بالمعدن، ثم لا ضبط في جهة النهاية، وهذا كما أن السابق إلى مجلس القاضي لا يقدّم إلا بحكومةٍ [واحدةٍ] (٥)؛ إذ هذا هو المعتاد في المجلس الواحد بلا مزيدٍ.

ولو تكلّف السابق إلى المعدِن جمْعَ مائة حمار فصاعداً، وهذا لا يعتاده الرجل السابق إلى المعدن، لم يمكّن من هذا، فليس له إذاً إلا ما يليق به. لا يزاحمُ في


=١٣٨٠، والنسائي في الكبرى: إحياء الموات باب الإقطاع: ٥٧٦٤ - ٥٧٦٨، وابن ماجه الرهون باب إقطاع الأنهار والعيون: ٢٤٧٥، والدارقطني: ٤/ ٢٢١، والبيهقي: ٦/ ١٤٩.
ر. التلخيص: ٣/ ١٤٢ ح١٣٣٧.
(١) في الأصل: " فالسبق فيها حكم لا ينكر "، و (د ١): " فللتسبيق إليها حق لا ينكر "، وفي (ت ٣): " فلنسق إليها حتى لا تنكر ". والمثبت تصرف من المحقق، على ضوء السياق والسباق.
(٢) "المعدن " يستخدم في هذا الباب بمعنى ما يُسمّى (المنجم) عندنا الآن، فهو مكان استخراج المعادن. وما يستخرج من (المعدِن) هو الذي يُسمّيه هنا (النَّيْل).
(٣) في الأصل: والعالم إلى المعلّم.
(٤) في الأصل: أسبغت.
(٥) ساقطة من الأصل.