للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا سبيل إلى الحكم بتخصيص الملك بمحل النيل، وقد يكون كالذَّر وجناح البعوض (١)، ولا سبيل إلى إطلاق القول بملك كل ما يتصل بموقع النَّيل من غير [ضبط] (٢) وانتهاءٍ إلى موقف.

والوجه فيه أن يقال: إذا وجدنا النَّيل بدداً في أطراف بقعةٍ ووسطها، عُدَّ ذلك معدناً، وعُدّ النيل ظاهراً بالعمل، وإذا بعدت بقعة لم يتواصل النيل إليها، ولم يكن ذلك البعد معتاداً في تضاعيف النَّيْل المتبدِّد، فهو خارج عن حدّ المعدن. ومعظم هذه الأمور والتصويرات آيلة إلى العادات، والمحكَّمُ فيها أهل العادات.

٥٦٤٦ - ثم قال الأئمة: إذا ملك الرجل معدناً من المعادن الكامنة: إما على قولنا: المعدن يملك بالعمل المُظهِر لنيله، وإما إذا وقع الفَرْض في إحياء مواتٍ مُلك، ثم ظهر فيه معدنٌ، فإذا باع الإنسان هذا المعدن، فالذي ذهب إليه الأصحاب أن البيع مردودٌ، واعتلّوا بأن المقصود من هذا المعدن النيلُ، وهو مجهول، والمعادن لا تُبغى لترابها وحجرها، ومدَرها، والانتفاعِ فيها بالوجوه المعلومة في الأراضي، فإذا صار المقصود مجهولاً، امتنع البيعُ.

ورأيت في مرامزِ كلام الأصحاب ما يدل على تصحيح البيع، وهو متّجهٌ في القياس على تقدير إيراد البيع على الرقبة، ثم النيل على موجب الوفاق.

والذي يجب القطع بفساد البيع فيه أن يجمع الرجل مقداراً من تراب المعدن وفي حشوه النيلُ، فإذا باعه على علم بأنّ فيه نيلاً، فهذا باطل؛ فإنه لا يبغي من البيع الترابَ، وإنما يبغي النيلَ، وهو مجهول. وقد ذكرنا تردُّدَ الأصحاب في المعاملة على الدراهم المغشوشة إذا كانت جارية في المعاملات، وسبب (٣) الاختلاف أن النُّقرة


(١) الدَّر وجناح البعوض: مثال للقلة والصغر.
(٢) في الأصل: وقف.
(٣) يعلل للخلاف في الدراهم المغشوشة، ويبين سببَه في مقابلة القطع بفساد بيع تراب المعدن المختلط بالنيل، مع أن المحكوم فيه واحد، وهو الخليط المجهول المقدار. وقد بين أن سبب القطع هناك في (التراب الخارج من المنجم) والتردد هنا (في الدراهم المغشوشة) أن الدراهم المغشوشة لا تراد عادة لما فيها من النقرة الخالصة، وإنما تراد لرواجها، أي قدرتها الشرائية،=