للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظنَّ الشافعيُّ أن بلاد العجم افتتحت قهراً، وغُنمت عليهم، وفي غامرهم

التفصيل المقدّم في الذب والمحاماة، وتنزيل المستولين منزلة المتحجِّرين، فأراد أن يصوّر أراضي عامرُها ليس [خراجياً] (١)، ولم يُقضَ (٢) بالاستيلاء على غامرها ومواتها من الغانمين، حتى تتسق المسائل التي أطلقها من غير احتياج إلى تفصيل.

فرع:

٥٦٤٩ - إذا عمل العامل على المعدن الكامن، فإن قلنا: إنه يملكه، فلا كلام، وإن قلنا: إنه لا يملكه، فقد ذكر الأئمة وجهين في أن الإمام لو أراد تنحيته بعد طول الزمان لينتفع بالموضع غيره، فهل له ذلك؟

وقد قدمنا مثلَ هذين الوجهين في مقاعد الشارع، وأطلقنا وجهين أيضاً في المعادن العِدة الظاهرة، وما ذكرناه من الوجهين في المعادن الكامنة -حيث انتهى الكلام إليه- يناظر ما ذكرناه من الوجهين في المقاعد المُقْطعة في الأسواق.

ثم ذكرنا أن من تخيّر بقعةً على الشرط المقدم، أو اتصل بها إقطاع صاحب الأمر فيمهل فيه زماناً، وقرّبنا القولَ في ضبطه، ثم ذكرنا التنحيةَ وراء ذلك، كذلكَ يمكَّنُ العامل على المعدن زماناً متطاولاً، ثم الخلاف في تنحيته يقع وراء ذلك.

وسبيل التقريب اللائق بهذا الموضع في الزمان المتطاول، أن يبلغ مبلغاً يظهر منه فائدةُ العامل إذا اقتصدت الإنالة، فلم يتفق إكداء (٣) ولا نيلٌ نادرٌ مجاوزٌ المعتاد، ثم قد يتفق مثل هذا الزمن، والعامل لا يستفيد في ذلك الزمن للحرمان والمجازفة، فالخلاف في تنحيته على ما ذكرناه. ولو استفاد العامل نيلاً نادراً (٤) في زمان قريب، ففي إجراء الخلاف في تنحيته احتمالٌ ظاهر. يجوز أن يقال: لا ينحى نظراً إلى الزمان، ويجوز أن يقال: ينحَّى نظراً إلى الفائدة، وإذا طال الزمان في حق المحروم جرى الوجهان في طرده من غير أن ينظر إلى عدم الفائدة، وقد يُنحَّى المحروم ويرزق


(١) في الأصل: خراجاً.
(٢) (د ١)، (ت ٣): ولم يتفق الاستيلاء.
(٣) إكداء: يقال: أكدى العامُ أجدب، والمعدن (المنجم) لم يتكون به جوهر، أي ليس له نَيْل، وهو المراد هنا (المعجم).
(٤) أي استفادَ نَيْلاً كثيراً مجاوزاً للاعتياد.