وكان حدائقَ، ونخيلاً، فقال صلى الله عليه وسلم: حبِّس الأصلَ، وسبّل الثمرَ " (١).
وأجمع المسلمون على أصلِ الوقف، وإن اختلفوا في التفصيل.
٥٦٧٣ - ومذهبُ الإمام الشافعي أن الوقف إذا استجمع شرائطَه صحيحٌ لازمٌ، لا يتوقف لزومُه على تسجيلٍ من جهةِ قاضٍ، ويصح مُنَجَّزهُ في الحياة، ومنفَّذُه في الوصية بعد الوفاة.
٥٦٧٤ - ثم هو في التقسيم الأولي متنوع، فمنه ما يقع مضاهياً للتحرير، وهو كجعل بقعة مسجداً، وهذا مما وافق فيه من أنكر لزومَ الوقف والتحبيس. ويتصل بهذا القسم جعْلُ بقعة مقبرةً، على ما سيأتي، إن شاء الله. عز وجل تفصيل الصنفين.
والقسم الثاني - ما يتضمن صرفَ منفعته إلى الغير، وهو ينقسم إلى ما يقصر مقصوده على حق السكون، كالمدارس والرباطات. والوقفُ فيهما قريبٌ من جَعْل البقاع مساجدَ ومقابرَ، وإلى ما يفوّض الأمر إلى المستحِق، فإن شاء، انتفع بنفسه، وإن شاء استغلّه، وتملّك ما يحصل من غَلَّته، وهذا يجري على نوعين: أحدهما - ما تصرف الغلّةُ فيه إلى عمارة المساجد، والرباطات، والمدارس، وإلى ما يصرف إلى من يتملكه.
ثم الوقف يصح على مخصوصين معيّنين، وإلى جهةٍ عامة كجهة المسكنة والفقر.
وفي تصحيح الوقف على أقوام لا ينحصرون، وليس المراد حاجتَهم قولان، كالوقف على بني هاشم وبني المطلب، ونحوهم.
٥٦٧٥ - ومما يتعين تصدير الكتاب به أن الوقفَ إذا كان على معينين، أو على
(١) حديث عمر بن الخطاب متفق عليه بلفظ: " إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها " البخاري: الشروط، باب الشروط في الوقف ٥/ ٤١٨، ح ٢٧٣٧، مسلم: الوصية، باب الوقف ٣/ ١٢٥٥، ح ١٦٣٢. أما بلفظ إمام الحرمين فقد رواه الشافعي في مسنده: ٢/ ١٣٨، ح ٤٥٧ [السندي] والنسائي: الإحباس، باب حبس المشاع ٦/ ٢٣٢، ح ٣٦٠٣، ٣٦٠٤، ٣٦٠٥. وابن ماجه: الصدقات، باب من وقف ٢/ ٨٠١، ح ٢٣٩٧، وأحمد: ٢/ ١٥٦، ١٥٧، والبيهقي في الكبرى: ٦/ ١٦٢ والصغرى: ٣/ ٣٣٦، ح ٢٢٢٣، ٢٢٢٤.