للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٧١٤ - ثم إنا نُلحق بما مهدناه مسائل سهلةَ المُدرك على من أحاط بما تقدم.

منها- أن من وقف داره على وارثه في مرض موته، ثم بعده على المساكين، فالوقف باطلٌ على الوارث في مرض الموت، فتلتحق هذه المسألة بانقطاع الوقف في الأول، ولكن قال الأصحاب: لا نقطع ببطلان الوقف على الوارث في الحال، وإنما [يتبين] (١) الفساد إذا مات من مرضه، فقد وجد الوقف متشبثاً، فرأى الأصحاب أن يرتبوا هذا على ما إذا عري الوقف عن مصرفٍ من جهة اللفظ والذكر.

وهذا الترتيب قليل النَّزَل (٢)؛ فإنه إذا تبين انقطاع الوقف أولاً، فالظن السابق لا حكم له، إذا كان التبين على خلافه.

٥٧١٥ - ومما ذكره الأصحاب ملتحقاً بهذا الأصل: أن من وقف على شخص معيّن، ثم بعده على المساكين، فلم يقبل ذلك المعين، والتفريع على أن قبوله شرط، فالوقف انقطع من هذه الجهة، فيخرّج على الخلاف المتقدم في انقطاع المصرف أولاً، ورأَوْا ترتيب ذلك على ما إذا وقف [على] (٣) من سيولد، وزعموا: أنه علق الوقف بحاضرٍ، ثم كان الانقطاع من جهة غيره.

وهذا كلام عري عن التحصيل، لا ينبغي أن يقع التشاغل به. نعم، لو قلنا: إن القبول ليس بشرط، فإذا وقف على معيّن، ثم بعده على المساكين، فلو رد الموقوفُ عليه الوقفَ، فينقدح في هذه الصورة ترتيبٌ؛ من حيث إن الوقف ثبت متصلاً مستعقباً ثبوت مصرفٍ، ثم ارتد بالرد، فلا يمتنع أن يرتب هذا [على ما لو لم يثبت للوقف متعلق أصلاً] (٤).

٥٧١٦ - ومما يجري في هذه الفنون، أنه لو قال: وقفت على فلانٍ، ثم بعده على


(١) في الأصل: ينشأ.
(٢) النَّزَل: بفتح النون المشدّدة، والزاي أيضاً، من قولهم: فلان ليس بذي نَزَل، أي ليس له عقل ولا معرفة، وقولهم: طعامٌ كثير النزل (وزان سبب) أي كثير البركة، فالمعنى: ترتيب لا طائل وراءه. (المعجم والمصباح).
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) ما بين المعقفين سقط من الأصل.