للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المساكين، فإذا لم يقبل، أوْ ردَّ على التفصيل الذي ذكرناه، فيتجه هاهنا الصرف إلى المساكين؛ من جهة أنه جعل المصرف صائراً إليهم إذا انقطع استحقاق المسمَّى أولاً، فإذا لم يستقر الاستحقاق عليه، فيتجه تنزيل ذلك منزلة ما لو انقرض المعيّن بعد ثبوت الاستحقاق لهم. هذا بيان تمهيد الأصول وفروعها.

٥٧١٧ - ومما يجب التنبيه له أن من وقف على بطونٍ، ورتبهم في الاسْتحقاق، فاستحقاق البطن الأول إذا اعتبر بنفسه، كان على حكم التأقيت، واستحقاق البطن الثاني إذا اعتبر بنفسهِ، فهو على حكم [التعليق] (١)، ولا امتناع فيما ذكرناه من التأقيت والتعليق إذا اطرد الوقف، ولم ينقطع أهل المصرف أولاً وآخراً، ووسطاً. ومثل هذا لا يسوغ فرضه في الإجارة، فإن المعتبر فيها أعيان العاقدين، والمعتبر في الوقف وقوعه قربة على وضع الشرع، فلا نظر إلى تناوب المستحقين.

فرع:

٥٧١٨ - إذا أشار إلى عبدين، وقال: وقفت أحدَهما، ولم يعيّن، ففي صحة الوقف على الإبهام وجهان: أحدهما - المنعُ؛ فإن الوقف مبنيٌّ على قضيةٍ معلومة، يقصد الواقف بوقفه التقرّبَ إلى الله تعالى بتحبيسِ معينٍ، أو يقصد تمليك شخصٍ رَيْعَ عينٍ معينة، فإذا فرض على الإبهام، كان كالإبهام في البيع والهبة، والإجارة وغيرها.

ومن أصحابنا من قال: يصح الوقف على الإبهام، كما يقع العتق على الإبهام، إذا قال مالك العبدين: " أحدكما حُرّ ". وهذا التردد يضاهي ما قدمناه من تردد الأصحاب في أن الوقف هل يقبل التعليق قبولَ العتق له، ويلتفت على التردد في أن الوقف إذا اقترن بالشرط المفسد، هل يفسد أم ينفد نفوذَ العتق؟

ثم إن لم نحكم بثبوت الوقف على الإبهام، فلا مساغ لتنفيذه على خلاف إيقاعه، وليس كما إذا أُقِّت، فقد يُؤبّد مؤقَّته، والسبب فيه أنا نجد لتأبيد المؤقت مثالاً، ووجهاً، ولا وجه إذا بطل الإبهام (٢ غيره.


(١) في النسخ الثلاث التعلق.
(٢) هذا القوس متصل بنظيره في الصفحة التالية.