للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: هو على حكم الهبة، حتى لا يلزم إلا بالإقباض، ولا تثبت الشفعة فيه.

وهذا بعيدٌ جداً، ذكره بعض المصنفين، ورمز إليه صاحب التقريب وغيره. ولو صح، فلا حيلة في دفع الشفعة أوقعُ (١) منها، فإن معظم الحيل المذكورة في دفع الشفعة تتضمن خطراً على من يتمسك به، كما قررناه في آخر الشفعة. وهذا لا خطر فيه. هذا إذا كان الثواب مُقدَّراً.

٥٨٩١ - فأما إذا كان الثواب مجهولاً، غير مقدر، فقد اختلف ترتيب الأئمة، فقال قائلون: إن حكمنا بأن مطلق الهبة لا يقتضي ثواباً، فذكر الثواب المجهول يُفسد الهبة، وفي ذكر الثواب المعلوم خلافٌ، كما قدمناه. وإن قلنا: يثبت الثواب في الهبة المطلقة، فإذا ذكر من غير تقدير، صحت الهبة؛ فإنّ ذكره كذلك يضاهي حكمَ الإطلاق، والتصريح بما يقتضيه مطلق العقد غيرُ ضائرٍ.

[و] (٢) قال العراقيون لو ذكر ثواباًً معلوماً، ففي صحة الهبة خلاف، [ولو] (٣) ذكره مجهولاً، صح؛ تفريعاً على أن الهبة المطلقة تقتضي ثواباً.

فجعلوا إعلام الثواب حيث انتهى الكلام إليه أولى باقتضاء الفساد، وعللوا ذلك بأن إعلامه إخراجُ الهبة عن حيّز بابها، وإلحاقٌ لها بالبيع المحض، وعقد البيع المحض بلفظ الهبة فاسدٌ. فأما الثواب المبهم، فلا يليق بالمعتاد في الهبة.

وقالوا: لما كان التأبيد لائقاً بمقصود النكاح مع الجهل بمنقرض العمر، كان هذا النوع من الجهل شرطاً في صحة النكاح. هذا ترتيبٌ.

وقال قائلون: إعلام الثواب أولى بالتصحيح. وإن ذكر الثواب مجهولاً، فهو أولى بالفساد؛ لأنه لو أُطلق احتُمل الجهل في التوقّع، وإذا ذكر، فقد ألحق بالأعواض، فيجب الوفاء بشرط العوض.


(١) يشير إلى ما جرى عليه بعض الفقهاء من تقدير صورٍ يفترضونها، تمكِّن المشتري من دفع الشفعة عما اشتراه، حتى يخلص له، ويستقر في يده.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في الأصل: وفي ذكره.