للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٨٩٣ - وقد رأيت لبعض الأصحاب تردداً في أن الأب إذا وهب من ابنه بثواب قدّره، فهل يملك الرجوع في الهبة؟ هذا يخرّج على أن المعاملة بيعٌ، أو هبةٌ؟ فإن قلنا: إنها بيعٌ، فلا رجوع. وإن قلنا: فيها معنى الهبة، فالرجوع محتمل، ثم إن رجع في الموهوب، ردّ العوض.

وهذا وإن كان بعيداً، فله اتجاه على حال، وأما ما ذكره العراقيون، فلا وجه له أصلاً كيفما فرضنا الهبة.

فرع:

٥٨٩٤ - إذا وهب حلياً من ذهب أو فضة، وثبت في الهبة ثواب مطلق، على [ما تقدّم] (١)، فما دام المجلس جامعاً، فله أن يُثيبه (٢) نقداً، بحيث لا يؤدي إلى الربا.

فإن كان المبذول أقلَّ، أو أكثر، فهذا فيه احتمال ظاهر، خارجٌ على ما ذكرناه، من أن حقيقة الأعواض هل تثبت؟ والذي مال إليه معظم الأصحاب، وقطع به العراقيون: أنه يجب محاذرة صورة الربا؛ فإن الثواب على كل حالٍ عوضُ الموهوب، ويحتمل عندنا على بعدٍ خلافُ ذلك. والظاهر ما ذكروه.

ووجه الاحتمال أن باذل الثواب في حكم واهبٍ جديد، وكأنه يقابل هبةً بهبة، ولولا ذلك، لبطلت حقيقة الهبة.

٥٨٩٥ - ولا خلاف أن الثواب إذا لم يجر له ذكر، أو جرى ذكره مطلقاًً مجهولاً، فالملك في الموهوب موقوف على الإقباض، وإنما التردد في الثواب المقدّر، أو المعين.

وهذا يتطرق إليه خلل، من أنا لا نشترط في الثواب لفظ [الثواب] (٣) وإجراءَ الإيجاب والقبول، وعن هذا لزم ظهور ما ذكر العراقيون (٤)، حتى لا يُعتدَّ بغيره من المذهب.


(١) (د ١)، (ت ٣): تقرر.
(٢) في النسخ الثلاث: يثبته. وهو تحريف ظاهر. وانظر فتح العزيز: ٦/ ٣٣٢.
(٣) في الأصل: الهبة. وعبارة الرافعي التي نقلها عن إمامنا: " أنا لا نشترط في الثواب لفظ العقد إيجاباً وقبولاً " (ر. فتح العزيز: ٦/ ٣٣٣).
(٤) ما ذكر العراقيون: أي آنفاً من وجوب محاذرة صورة الربا.