للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا بصوفه، وشعره إذا غُسل " (١). وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان مطلقاً في الإهاب في أخبار الدباغ؛ فهو محمول على جريان العرف بتبقية الشعور على كثير من الأهب.

وأما عدم تأثير الدّباغ فيها، فنقول: أليس حكمنا بنجاستها وإن لم تتعرض للعَفن والبلى تعرضَ الجلود، ولكنها تنجست تبعاً فليكن أمر الطهارة على التبعيّة ثابتاً فيها، وإن لم تتأثّر بالدِّباغ.

ثم لقائل أن يقول: لو تُرك الجلد، لتمرّط الشعر منه باسترخاء المنابت وعُفونتها، فإذا تماسكت المنابت بالدّباغ، أثر ذلك في تطاول أمر بقاء الشُعور. فهذا حكم الشعور إذا مات الحيوان.

٣٧ - فأما إذا جُزّت الشعور في الحياة؛ فالقياس الحكم بنجاستها؛ قياساً على سائر أجزاء الحيوانات إذا فصلت في الحياة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أُبينَ عن الحيّ، فهو مَيّت " (٢).

وهذا القياس مجرى مُطّرد في الحيوانات التي لا يُؤكل لحمها.

فأمّا الحيوانات المأكولة إذا جُرّ منها شُعورها، فهي طاهرة باتفاق الأمم، والقياس يقتضي النجاسة؛ وسبب طهارتها مسيسُ الحاجة إليها في ملابس الخلق، ومفارشهم.


(١) حديث: " لا بأس بمسك الميتة " أخرجه الدارقطني: ١/ ٤٧، والبيهقي في السنن الكبرى: ١/ ٢٤ من حديث أم سلمة، وفيه راوٍ متروك، وقال عنه البخاري: منكر الحديث. والمسك: الجلد. وزان فَلس.
(٢) حديث " ما أبين من حي فهو ميت " روي من حديث أبي واقد الليثي، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وتميم الداري رضي الله عنهم، كما روي مرسلاً. وأخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والدارمي، والحاكم بألفاظٍ متقاربة مثل: "ما قطع من البهيمة وهي حية"، " ما قطع من حيّ "، ولم يأت بلفظ "ما أبين" إلا الذهبي في تلخيص المستدرك (٤/ ١٢٤). (ر. أحمد: ٥/ ٢١٨، أبو داود: الصيد، باب في صيد قطع منه قطعة ح ٢٨٥٨، وصحيح سنن أبي داود ح ٢٥٤٣، الترمذي: الأطعمة، باب ما قطع من الحي فهو ميت، ح: ١٤٨٠، ابن ماجه: الصيد، باب ما قطع من البهيمة وهي حية، ح ٣٢١٦، وصحيح ابن ماجة ح ٢٢٠٦، الدارمي: ٢٠١٨، الحاكم: ٤/ ١٢٤، ٢٣٩، تلخيص الحبير: ١/ ٣٩، ح ١٤).