للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هل يضمن له مثلَ ما أتلفه. ويخرّج عليه التردد الذي ذكرناه في الهبة، والأظهر إبطال الهبة، ونفيُ غرامة المثل.

٦٠٠٢ - فإن أخذ الملتقط ما لا يتموّل، استبد به، ولا تبعة في الحال؛ فإن ما يقتضيه سلطانُ الالتقاط [يزيد] (١) على ما ذكرناه.

٦٠٠٣ - فأما إذا كان الشيء المصادف متموَّلاً، ولكن عُدّ يسيراً، فللأصحاب فيه تردد، نأتي به على وجهه، ثم بيان القول فيه يبين آخراً.

فإذا وجد الملتقط شيئاً يسيراً متموّلاً، فمن أصحابنا من قال: هو كالكثير في جميع الأحكام، فلا بد من تعريفه سنة؛ فإن أحكام الأموال في هذه المنازل لا تختلف بالقلة والكثرة إذا كان الشيء مما يتمول.

ومن أصحابنا من قال: لا يجب تعريف الموجود سنة كاملة.

وهذا فيما ذكره الأصحاب ظاهرُ المذهب. ووجهه أن الشيء الخطير لا يبعد توقُّع طلبه في مدة السنة، والشيءُ الحقير قد ينعكس عليه فاقده على قربٍ، فإن لم يجده بَعُد (٢) دوامُ الطلب فيه المدةَ الطويلة، هذا حكم العرف.

فإن قيل: فلا توجبوا التعريف أصلاً؛ فإن الحقير قد لا يطلب. قلنا: لا يمكن الحكم بهذا على طبقات الخلق، فإن فيهم من يرجع على طلب ما نعتقده حقيراً.

فإن قيل: هلا أوجبتم التعريف سنةً؛ إذ في الناس من يطلب ما نراه حقيراً مدة طويلة؟ قلنا: ليس الأمر كذلك؛ فإن طبقات الناس على خلاف المراتب يستوون في ترك إدامة الطلب في الحقير الذي لا يؤثر العاقلُ التعبَ الكثيرَ في طلبه، ثم لهذا السؤال صار صائرون إلى وجوب التعريف سنة على ما قدمناه.

٦٠٠٤ - فإن قيل: إذا لم تُوجبوا التعريف سنة، فما المعتبر عندكم؟ وقد أوجبتم


(١) في الأصل: زِيدَ.
(٢) بَعُد: بفتح وضم. ومن عجبٍ أنها ضبطت في الأصل: بفتح الباء وسكون العين وفتح الدال.
والأعجب من العجب أن هذه النسخة نادرة الضبط جداً، وهي مع ذلك من أضبط النسخ وأصحها. ولكن لكل جوادٍ كبوة، ولكل صارمٍ نبوة.