للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصل التعريف؟ قلنا: الذي تلقيناه من كلام الأصحاب في ذلك تحصره أوجه:

أحدها - أن مدة التعريف ثلاثة أيام. وهذا تقريب لا بأس به. وفي بعض التصانيف (١) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من التقط لقطة يسيرة، فليعرّفها ثلاثة أيام ". وهذا إن صح معتمدٌ ظاهر.

ومن (٢) أصحابنا من لم يقدّر في ذلك مدة، وقال: تعرف مدة يُظن في مثلها رجوعُ الفاقد على ذلك المفقود، وهذا يختلف باختلاف أقدار ما يندرج تحت اليسير.

وهذا وإن كان مستنداً إلى فقه الفصل، فهو كلام مبهم، لا يكاد يتحصل. ثم عبر الأئمة عن هذا، فقالوا: يعرّفه يوماً، أو يومين، ومنهم من قال: وأكثره ثلاثة أيام.

ومن (٣) أصحابنا من رمز إلى أنه يكفي فيه التعريف مرة واحدة على شرط الإظهار.

وهذا في نهاية الحسن؛ فإن هذا القدرَ يكفي في إخراج اللقطة عن حيز ما يُكتم؛ فإنه لا ضبط بعده لمدة تذكر.


(١) هنا أمور نبينها على النحو الآتي:
أ- قوله: " بعض التصانيف " يقصد أبا القاسم الفوراني، فهكذا يعبّر عنه!! وقد أشرنا إلى ذلك مراراً، ولكن نجدد العهد به هنا؛ لأن الحافظ ابن حجر صرح بذلك في التلخيص، حيث قال تعقيباً على هذا الحديث: " قال إمام الحرمين في النهاية: ذكر بعض المصنفين هذا الحديث، وعنى بذلك الفوراني، فإنه قال: فإن صح، فهو معتمد ظاهر " ا. هـ بنصه.
ب- إن إمام الحرمين لم يذكر هذا الحديث قاطعاً به، ولا معتمداً عليه، ولكنه قال عن التحديد بثلاثة أيام: " إنه تقريب لا بأس به " ثم أردف ذلك بذكر الحديث، قائلاً: " إن صح، فهو معتمد".
ج- إن إمام الحرمين استخدم في الرمز إلى ضعف الحديث، أداة الشرط (إن) وهي تدل على الشك وعدم التوقع، ولم يستخدم (إذا).
د- الحديث رواه أحمد (٤/ ١٧٣) والطبراني، والبيهقي (٦/ ١٩٥) عن عمر بن عبد الله بن يعلى عن جدته. وقال عنه الحافظ: "لم يصح، لضعف عمر" ا. هـ. ر. التلخيص: (٣/ ١٦٢ ح ١٣٧١).
هـ- قلت: ألا يدرأ هذا عن إمام الحرمين قول القائلين: " إنه كان لا يدري الحديث "؟
(٢) هذا هو الوجه الثاني في المسألة.
(٣) هذا هو الوجه الثالث.