الجُعل شيئاً ما لم يتم العمل. هذا متفق عليه، حتى لو ردّ العبدَ الآبق من مسيرة فراسخ إلى قرب البلدة، ثم سيَّبه، أو تركه على مكانته مقدوراً عليه، ولم يردّه، فلا يستحق مما سمي له شيئاً، ولا يستحق -والحالة هذه- أجرَ المثل أيضاً؛ فإن موضوع هذه المعاملة على تحصيل تمام المقصود من العمل، فإذا لم يحصل، لم يثبت للعامل استحقاقٌ.
هذا إذا أضرب العامل قصداً.
ويتصل به ما لو عسُر عليه إتمام العمل؛ فإنه لا يستحق الجُعْلَ، وإن لم يقصِّر وفاقاً، وكذلك القول فيه إذا مات العبدُ في الطريق.
والجملة أن تمام العمل لا بد منه، ولا يحصل استحقاقُ جزء من الجُعل دونه.
٦٠٢٠ - ولو فسخ الجاعل الجعالة، انفسخت، ولكن إن جرى الفسخُ على علمٍ من المجعول له قبل الخوض في العمل، فقد ارتفعت المعاملة.
ولو خاض المجعول له في العمل، أحبطنا عمله. وهذا على قياس فسخ القراض قبل الخوض في العمل.
ولو عمل العامل بعض العمل، وكان متمادياً إلى استتمامه، ففسخ الجاعل، نفذ فسخُه، وفائدة نفوذه سقوطُ الجعل المسمى بالكلّيّة، ولكن لا يحبَط عمل العامل، وله أجر مثل عمله.
وقد ذكرنا نظير ذلك في القراض.
وهذا هو الذي يليق بمصلحة المعاملة. أما سقوط الجعل، فلثبوت الجواز من الجانبين، وأما منعُ إحباط عمله، فسببه أن يثق العامل بالخوض في عمله، ولو لم يكن كذلك، لما حصلت الثقة، ولما رغب العامل في تعريض عمله للإحباط.
ولو فسخ الجاعل المعاملة من حيث لم يشعر العامل، فهذا لا يبعد تخريجه على أن الوكالة هل تنفسخ على غيبة من الوكيل قبل أن يبلغه الخبر؟ والظاهر أن الجعالة تنفسخ في مسألتنا؛ فإن مقتضاها ما ذكرناه من الجواز، وقبول الجهالة. والله أعلم.
٦٠٢١ - فهذه صيغةٌ في الجعالة معلقة بمعيّن مخصوصٍ، ويجوز فرضها مع