شخصٍ واحد، ومع أشخاصٍ معينين، فإذا قال لنفرٍ: إن رددتم عليّ عبدي الآبق، فلكم كذا، فإذا ردّوه، واشتركوا في رده، استحقوا الجُعل. ثم ظاهر كلام الأصحاب أنهم إذا كانوا ثلاثة وردّوا العبدَ، فالجعل مفضوضٌ عليهم، نظراً إلى الرؤوس، دون أقدارِ الأعمال؛ وذلك أن العمل في أصله مجهول، فلا يمكن رعاية مقداره في الفضّ والتفسيط.
وليس يبعد عن قاعدة المذهب أن نقول: الجعل إنما يدفع إليهم عند تمام العمل، وإذا تم، فقد انضبط العمل، وتبين ما صدر من كل واحد؛ فيجوز أن يُفضَّ الجُعل على أقدار أُجور أمثالهم.
٦٠٢٢ - ومن حُكم الجعالة أن العمل إذا تم، استقر الجُعل، ولزم لزوماً لا يُدرَأ، وانتهر، بانتهاء العمل مقتضى الجواز، وسلطان الفسخ.
٦٠٢٣ - والأصل المقصود في الجعالة الذي منه ينشأ الإشكال على الناظر ما نصفه، ونبيّن ما فيه على تدريجنا في محاولة البناء.
فإذا قال القائل لمن يخاطبه: إن رددت عبدي الآبق، فلك دينار، فهذا في ظاهره يقتضي استدعاءَ العمل من المخاطب دون غيره. وهذا يتأكد في صيغة الشروط؛ فإن المطلق منها ما يقع التعرض له على التعيين، حتى يمتنعَ قيامُ غيره مقامه.
ولكن المعاملات تُبنى على مقاصد الخلق، لا على صيغ الألفاظ، لا سيّما إذا عم العرف، في بابٍ، فهو المتبع. ومما نعلمه من مقصود الخلق في هذه المعاملة أن من قال لمعيّن: إن رددت عبدي، فلك كذا، فقد لا يستمكن المعيّنُ من تعاطي ذلك بنفسه على الانفراد، والغالب أن حاجته تمس إلى الاستعانة بغيره، فلا معنى لحمل اللفظ على قصر العمل في المخاطب، ولكن يتعيّن حمله على تحصيل المقصود، والسعي فيه بأي وجهٍ أمكن، حتى لو استعان العامل بمن أراد بأجرة يبذلها، أو بأن يتبرع عليه المستعان بالإعانة، فإذا حصل المقصود، فلا نظر إلى جهات العمل بناءً على مقصود الباب.
وقد قال الشافعي: إذا عيّن الجاعل شخصاً في عمل الجعالة، فأعانه آخر، قلنا