للعامل: ماذا أردتَ بعملك، ومن أردته به؟ فإن زعم أنه أراد إعانة العامل متبرعاً، فللعامل تمامُ الجُعل، نظراً إلى ما مهدناه الآن. وإن زعم أنه قصد إعانة الجاعل فنفضُّ الجُعلَ عليهما، ونُسقط منه قدراً، ثم يعترض الفض على الرؤوس أو على أقدار الأعمال؟ والظاهر عندنا في هذا المقام الفض على أقدار الأعمال، والله أعلم.
٦٠٢٤ - ومما يتعلق بالقاعدة التي نحن فيها أنه إذا قال لزيد: رد عبدي الآبق، ولك عشرون درهماً، وقال لرجل ثانٍ: ردّ عبدي، ولك ثلاثون، وقال لثالث: رُدّ عبدي ولك ستون، فإذا اشتركوا في العمل وردوا العبد، فلكل واحدٍ منهم ثلثُ الجعل الذي سمي له، نصَّ الشافعي على ذلك.
فإن قال قائل: ينبغي ألا يستحق واحدٌ منهم شيئاً؛ فإنه علق استحقاق كل واحدٍ لما جعله له بأن يُتم العمل، ولم يتم واحدٌ منهم العملَ، ولم يعلق المعاملة بهم، على الاشتراك، ولم يقل: إن رددتم؟
قلنا: هذا خارج على الطريقة التي ذكرناها في اتباع المقصود وتحكيمه في الغرض المطلوب من غير رجوعٍ إلى صيغة اللفظ؛ فهذا مبنى الباب، وهو متفق عليه بين الأصحاب.
ولا حكم لبعض العمل فيها، قبل حصول المقصود، كما ذكرناه في ترك العامل عملَه في أثناء الأمر، وإذا حصل المقصود، فهو الأصل، وعليه التعويل.
هذا كله إذا علّق المعاملة بمعينين.
٦٠٢٥ - فأما إذا أبهم الشرط، ولم يعيّن، وقال: من رد عليّ عبدي الآبق، فله دينار، فالمعاملة تصح على هذا الوجه اتفاقاً، وسببه ما قررناه من بناء العمل على المقصود؛ فإن الرد قد لا يتمكن منه معيّن، ومن يقدر عليه لا يكون حاضراً، فإذا أشاع في الناس اشتراطَ الجُعل، واستوى فيه من شهد، ومن غاب، ترتب عليه حصول الغرض. وهذا حسنٌ في بابه.
ولا يلزم مثله في القراض؛ فإن تعيين العامل ثَمَّ ممكنٌ، والغالب مسيسُ الحاجة إلى إبهام العامل في الجعالة.