للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأخرى - بعد البلوغ، وقبل أن يُعرب عن نفسه بكفرٍ أو إسلام.

والثالثة - في إعرابه عن نفسه.

فأما القول في حال الصبا، فإنا نحكم له ناجزاً بحكم الإسلام من جميع الوجوه، فيُنفَق عليه من بيت المال إذا مست الحاجة إليه، ونقول: لو قتل في صباه، وكان قاتله مسلماً، وجب القصاص عليه، ويرثه المسلمون لو مات، ويرث هو بنفسه المسلم، وحكمه حكم من حصل علوقُه على إسلام أحد أبويه، وهذا حكمُ الحال.

ومن الأحكام أنه لو كان رقيقاً، فأعتقه مظاهرٌ عن كفارته (١)، حكمنا ببراءة ذمته عن الكفارة، وجوّزنا له الإقدامَ على وطء التي ظاهر عنها.

ولو جرت هذه الأحكام، [ومات] (٢) الطفل، فقد استقرت الأحكام.

هذا حكم هذه المرتبة.

٦٠٧٣ - ومما يدور في النفس أنا إذا فرعنا على الوجه الضعيفِ نقلاً، القويِّ توجيهاً، وقلنا: يصح من الصبي الاستقلالُ بالإسلام، كما ذهب إليه أبو حنيفة.

فهل نقول لو أسلم أحد الأبوين والصبي بمحلّ أن يستقل على هذا الوجه: إنه يتبع المسلمَ من أبويه؟ هذا مما تردد فيه أحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، وهو لعمري محل التردد؛ فإن الجمع بين إمكان الاستقلال، وبين إثبات التبعيّة بعيدٌ.

ثم قال أبو حنيفة (٣): يصح ردّة الصبي كما يصح إسلامه، ولا شك أنا نقول بذلك إذا فرعنا على هذا الوجه؛ نظراً إلى الاعتقاد ووقوعه. وقد ينقدح لذي نظر أن يصحح ما فيه صلاح الصبيّ ويُحبط نقيضَه، كما ذهب إليه بعض أصحاب أبي حنيفة (٤)، والعلم عند الله تعالى.


(١) واضح من سياق الكلام أنه يشترط في الرقبة التي يكفر بها المظاهر أن تكون مؤمنة. وهذا من باب حمل المطلق على المقيد، الذي يقول به الشافعية هنا. بخلاف الأحناف الذين لا يشترطون الإيمان في رقبة كفارة الظهار؛ لأنهم لا يحملون المطلق على المقيد هنا.
(٢) فى الأصل: وفات.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٢٦٠، المبسوط: ١٠/ ١٢٢، مختصر اختلاف العلماء: مسألة ١٦٤٠، ٣/ ٤٩٠.
(٤) الذي يعنيه الإمام هو " أبو يوسف " (ر. المراجع السابقة).