٦١٦٧ - وقطع الصيدلاني القول بقبول الإقرار بالرق بعد تقدم الاعتراف بالحرية، وشبه هذا بما لو ادّعى الزوج الرجعة وأنكرت المرأة مصادفتها العدة، على صيغةٍ تقتضي تصديقَها، كما سيأتي تفصيل ذلك في كتاب الرجعة -إن شاء الله تعالى- فإذا جعلنا القول قولَها، وحلفت، وانتجزت الخصومة، ثم عادت، فاعترفت بتصديق زوجها، فالرجعة ثبتت.
وهذا الوجه الضعيف ذكره القاضي وزيّفه، وزعم أن ناصره يقول: إقراره بالحرية، ثم إقراره بالرق بعدها، بمثابة ما لو أقر بكون الشيء ملكاًً له، وعزاه إلى نفسه وادّعاه، ثم أقر به لإنسانٍ من غير أن يتخلل بين الإقرارين ما يتضمن نقل الملك، فإقراره لذلك الإنسان مقبول.
وهذا الاستشهاد ضعيف؛ فإن الحرية إذا ثبتت، فلا سبيل إلى رفعها، ولله في استقرارها حقٌّ، وفي الإقرار بها تعرُّضٌ لالتزام حقوقٍ تقتضيها الحرية ُلله، وللعباد.
وأما ما استشهد به الصيدلاني، فلنا في تلك المسألة من الرجعة نظر أولاً [كما](١) سيأتي، إن شاء الله تعالى.
ثم ليست الحرية بمثابتها؛ فإن اللقيط إذا بلغ، وأقر بالحرية، فقد وافق إقرارُه بها حريةً اقتضتها الدار، كما تقدم، فلا سبيل إلى نقضها بعد ثبوتها ظاهراً، وإقراراً.
هذا بيان الحكم في هاتين المرتبتين.
٦١٦٨ - فأمّا بيان المرتبة الثالثة - وهي ألا يصدر من بعد البلوغ إقرارٌ برقٌ، ولا حرية، ولكنه تصرّف تصرفاتٍ يقتضي نفوذُها الحريةَ، فنكح، وأصدق، وباعَ، واشترى، ثم إنه بعدها أقر بالرق، فكيف السبيل؟
الوجه في افتتاح الكلام أن نقول: إن رددنا إقراره في المرتبة الأولى، وصرنا إلى أن الرق لا يثبت أصلاً إلا ببينة، فلا حكم لإقراره بالرق، وهو كلام لاغٍ مطّرح، ولا يرد على هذا إلا مسألة وهي إذا نكح، ثم أقر بالرق فإقراره اعتراف منه بأن التي نكحها محرّمةٌ عليه، فيستحيل أن نحلّها له، وهو يزعم أنها محرمة، وصدقُه في