للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشهورين: والأصح عندي ألا تجب الإعادة؛ فإن القُربة إذا رُوعي فيها معنيان، ثم استقلت بأحدهما، صحت، ولم تجب الإعادة. وكذلك (١) قال الشافعي: " الكفارة تجب على الكافر، فإذا أدّاها في كفره ثم أسلم، لم يلزمه إعادة الكفارة " ولعلّ الفارق بين الكفارة -ولا خلاف فيها- وبين الغسل -[وفيه] (٢) الخلاف- أن الكفارة المؤدّاة بالمال لا تخلو قط عن غرضٍ مرعي لآدمي من تخليصٍ عن رِقٍّ، أو إطعامِ محتاج، أو كسوة عارٍ؛ فكان أمر النية أضعفَ فيها، والغسل قد لا يتعلق بحق آدمي؛ فإن المرأة إذا لم تكن ذات زوج، كان عليها الغسل لله تعالى.

٧٤ - ومما يتعلق بذلك: أن المسلمة إذا امتنعت من الغسل عن الحيض تحت زوجها، فأوصل الزوجُ الماء إلى بدنها قهراً، حلّت له. وهل يلزمها أن تغتسل لله تعالى؛ قال الإمام (٣) -رحمه الله-: فيه الوجهان المذكوران في الكافرة إذا أسلمت.

وفي المسألة احتمالٌ آخر، يُشير إلى القطع بإيجاب الغسل، من حيث إنها امتنعت عن النيّة، وكانت من أهلها.

ثم ما ذَكَرناه من صحّة الغسل على التفصيل المذكور في غسل امرأةٍ ذاتِ زوج. فأما


(١) في (م): ولذلك.
(٢) في الأصل: وفيها. والمثبت من (م)، (ل).
(٣) وقفت طويلاً أمام لفظ (الإِمام) هنا لأعرف من المقصود بالإِمام، ذلك أن هذا اللفظ (الإِمام) لم يرد هكذا مطلقاً بغير قيد أو وصف. إِلا مرتين فقط في هذا الجزء (الطهارة) كله. هذه، والثانية في أواخر كتاب الحيض. وهناك جزمنا بأن المقصود بالإِمام هو والد إِمام الحرمين أبو محمد، وذلك عن طريق ما حكاه عنه ابن أبي عصرون في مختصره.
أما هنا، فالأمر مشكل، إِذ هذا القول الوارد هنا المنسوب (للإِمام) هو بعينه ما أسنده النووي في المجموع: ١/ ٣٣١ إِلى إِمام الحرمين، وهذا أيضاً ما يفهم من ابن أبي عصرون في مختصره. فهل يكون المقصود بالإِمام هنا (إِمام الحرمين نفسه) وهذا اللفظ من عبارة الناسخ الذي نسخ الكتاب؟ أم أن المقصود هنا أيضاً (بالإِمام) هو الجويني الأب أبو محمد، وتجوّز النووي في نسبة كلام الوالد للابن؟ أمّا ابن أبي عصرون، فالأمر بالنسبة له أيسر، فهو يختصر النص، ويسمعه ذكر الأحكام بدون نسبتها إِلى أصحابها. ولذا لم يفد في هذا الموضع. والذي يغلب على الظن ويترجح لديَّ أنه (أبو محمد الجويني) ويظل للاحتمال مجال. والعلم عند الله. (والآن بعد أن أبحرنا في لُجج النهاية تأكد لدينا بأكثر من دليل صحة ما قدّرناه).