للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عثمانُ وعليٌّ رضي الله عنهما وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا " إنه غرف غرفة لفيه وغرفة لأنفه " (١).

فإن قلنا: يغرف غُرفةً لفيه وغُرفة لأنفه، فينبغي أن يقدّم المضمضة، فيتمضمض ثلاثاًً بغُرفة، ثم يستنشق ثلاثاًً بغُرفة.

٧٩ - وهذا الترتيب مستحقٌ أو مستحب؟ فعلى وجهين، ذكرهما شيخي: أحدهما (٢) - أنه مشروط؛ فإنهما سنتان في عضوين مختلفين.

والثاني - ليس مشروطاً، ولكنّه مستحب، كتقديم اليمين على اليسار.

وإن حكمنا بأنه يغرف لهما غُرفة واحدة، فقد قال العراقيون تفريعاً على ذلك: ينبغي أن يخلط المضمضة والاستنشاق، فيتمضمض ويستنشق مرةً بما معه، ثم يفعل ذلك ثانية وثالثة؛ فإنّ اتحاد الغُرفة والاقتصارَ على ماء واحدٍ، يدلّ على أنهما في حكم شيء واحد.

وقطع أصحابُ القَفّال أن ترتيب الاستنشاق على المضمضة مأمور به، والخلطُ


= المضمضة والاستنشاق، حديث متفق عليه (ر. البخاري: الوضوء، باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة، وباب الوضوء من التَّور، ح ١٩١، ١٩٩، مسلم: الطهارة، باب آخر في صفة الوضوء ح ٢٣٥).
(١) قال الحافظ في التلخيص: "وأما رواية علي وعثمان للفصل (أي بين المضمضة والاستنشاق) فتبع فيه الرافعي الإِمام في النهاية، وأنكره ابن الصلاح في كلامه على الوسيط، فقال: لا يعرف، ولا يثبت، بل روى أبو داود عن علي ضده. قلت: (الحافظ) روى أبو علي بنُ السكن في صحاحه من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: "شهدتُ علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان توضآ ثلاثاً ثلاثاً، وأفردا المضمضة من الاستنشاق، ثم قالا: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ". فهذا صريح في الفصل، فبطل إِنكار ابن الصلاح" ا. هـ كما أنكره النووي أيضاً في التنقيح، وبطل إِنكاره بما أبطل به الحافظ إِنكار ابن الصلاح. (ر. تلخيص الحبير: ١/ ٤٠٠ - ٤٠٢ بهامش المجموع، شرح مشكل الوسيط لابن الصلاح، بهامش الوسيط: ١/ ٢٨٣، التنقيح في شرح الوسيط للنووي، بهامش الوسيط: ١/ ٢٨٤).
(٢) وهو الأصح (الروضة: ١/ ٥٨).