للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: ما ترون في الأصلع والأغمّ؟

قلنا: سنذكر المذهبَ فيهما، ولكنهما لا يخرمان الحدّ؛ فإن موضع الصلع منبتُ شعر الرأس، وإن انحسر الشعر عنه بسببٍ، والجبهة وإن نبت الشعر عليها ليست منبت شعر الرأس.

وذكر الأصحاب عبارةً قريبةً في ذلك، فقالوا: حدّ الوجه في الطول من منحدر تدوير الرأس أو من مبتدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى ما يُقبل من الذقن، وفي العَرْض من الأذن إلى الأذن.

قال الشافعي: مواضع التحذيف من الوجه.

وهذه لفظةٌ فيها بعض الغموض. والذي مال إليه قلبي بعد البحث أن موضع التحذيف يحويه خطٌّ مبتدؤه الطرفُ الأعلى المقبل على الوجه من الأذن ومنتهاه الطرف الأعلى من الجبهة المتصل بالرأس، ونفرض هذا الخَطَّ مستقيماً بين هاتين النقطتين فيقع مورّباً (١) في الباطن.

ولو قال قائل: التحذيف يحويه خطان محيطان بزاوية قائمةٍ، يذهب أحدهما طولاً من الطرف الأعلى من الأذن، حتى إذا حاذى أولَ تسطيح الجبهة انتهى، ثم يمتد منه خط إلى طرف الجبهة، كان أدخل في الوجه شيئاً من الرأس، فهذا ما أظُنّه، فإن وَقف مُوفَّق على مزيد بيان في ذلك، ألحقه بالكتاب (٢).

وقد قيل: سئل الشافعي عن الوجه، فدعا بحالق حتى حلق موضع التحذيف منه،


(١) كذا، ولم أجد لها معنى في القاموس، ولا المعجم، ولا المختار، ولا الأساس، وفي اللسان: المورّب: العضو الموفّر، ولعل في العبارة تصحيفاً، ولم أجد النص في مختصر النهاية، ولا الوسيط، ولا الوجيز وشرحه، ولا المجموع. ومن السياق يظهر أن معناه المائل المنحني. وقد صدق تقديرنا -بتوفيق الله- فوجدنا في هامش (م) ما نصه: " المورّب الذي فيه تقويس كالفتر ".
(٢) هذا الغموض الذي رآه الإمام في لفظ الشافعي، وراح يبحث في موضع التحذيف انتهى به إلى الظن بأنه من الرأس. وهذا الظن هو الذي رجحه شيخا المذهب فيما بعد، واستقرّا عليه.
قال النووي: " موضع التحذيف من الرأس لا من الوجه على الأصح " (ر. الروضة: ١/ ٥١).