للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينشأ منه إشكال؛ من جهة أن المصطلحين لا يتواهبون، ولا يتهادَوْن، ولو فرض منهم تواهب، لكان مبناه على جهالة من الملك، وكل ذلك مشكل.

٦٥٢٢ - والذي يقتضيه الفقه عندي أنهم إذا اصطلحوا، فلا بد وأن يتهادَوْا ويتواهبوا؛ فإنهم إن لم يفعلوا ذلك، بقي ما في يد كل واحد على حكم الوقف وصورتِه.

فإن قيل: إذا تواهبوا، فصَدَرُ (١) ذلك عن جهالة؟ قلنا: نعم. الأمر كذلك، ولكن الجهالة محتملة عند الضرورة، وإفضاءِ الأمر إلى التعطيل.

وعلى هذا بنى الشرعُ عدمَ اشتراط الاطّلاع على ما يعسر الاطلاع عليه في المبيع، مع أنا نشترط أكمل الإعلام فيه، وكلياتُ الشريعة دالّةٌ على أن الأحكام لا تبقى مشكلة (٢)، لا فيصل (٣) فيها، فكان الصلح فَصْلاً للإشكال الواقع.

وإذا لم يكن صلحٌ، فالوقف إلى انتظار البيان غيرُ بعيد، وإن لم يكن انتظار بيان، فهذا الذي أشرت إليه في نكاح المشركات، وفيما يناظره في هذا الباب.

٦٥٢٣ - ثم يخرج من مجموع ما ذكرناه: أنهم إذا اصطلحوا على استواءٍ وتفاوتٍ، فلا حجر؛ فالمال مالهم، والحق حقهم، وقد ذكرتُ أنه لا بد من التواهب، ويخرج منه أن واحداً منهم لو أخرج نفسه من البَيْن، وسمح بحقه على أصحابه، فلا بأس بذلك؛ بناء على ما تمهد، ولا بد للمخرج نفسَه من الهبة، كما قدمناه. وليس كالواحد من الغانمين يُعرض عن حقه من المغنم؛ فإن تعلّقه ينقطع بذلك؛ من جهة أنه لا يثبت للغانم ملكٌ محقق؛ فيسقط حقه بالإعراض،


(٢) (ت ٣): يصدر. وهو تحريف من الناسخ، فإن المعهود في استعمال إمام الحرمين لهذا المصدر أن يأتي به على صيغة (فعل) بفتحتين، فهو في موضع صدور.
(٢) (ت ٣): لا تبقى ناسية مشكلة.
(٣) (ت ٣): تفصيل .. تفصيلاً.