آخر، فإذا جرى التنفيذ على ما ذكرناه، فإذا مات الوارث، ثم مات المعتَق الذي نفّذ الوارث العتق فيه، وكان معتَق الموروث الأول ومعتَق هذا الوارث حيين باقيين، فإن قلنا: الولاء كله للموروث الأول، فمالُ المعتَق الموصَى بعتقه مصروف إلى معتَق الموصي، وإلا فالثلث له والثلثان لمعتَق الوارث.
٦٥٨٩ - ثم من مات وليس له وارث خاص، فالمسلمون ورثته، فلو أوصى وزادت وصيته على الثلث، فالوصية بالزائد على الثلث غير منفذة، كما إذا أوصى وزاد وله ورثة متعينون مخلَصون، خلافاً لأبي حنيفة (١)؛ فإنه قال: إذا أوصى بجميع ماله، لزمت وصيتُه، ونفذت، ولا مردّ لشيء منها.
وحقيقة هذه المسألة تستند عندنا إلى أن الصرف إلى المصالح سبيله سبيل التوريث، وقد قررنا هذا في الأساليب. فلو أوصى من ليس له وارث خاص، وزاد، فلو أراد الإمام أن يجيز وصيته في الزائد، فإن جعلنا الإجازةَ من الوارث الخاص ابتداءَ عطية، فلا معنى له من الوارث، فما الظن بالإمام؟ ولكن الإمام إن أراد على حكم النظر والمصلحة أن يبتدىء صرف الزائد إلى تلك المصارف، لم يمنع ذلك.
وإن قلنا: الإجازة من الوارث تنفيذ للوصية، فقد اختلف جواب القاضي في هذا فقال مرة: إن وافق التنفيذ المصلحة، لم يبعد أن يجوز للإمام التنفيذ، ويكون شرط المصلحة في هذا المقام بمثابة الرضا من الوارث، وقال مرة: لا يجيز الإمام ولا يتصور الإجازة في هذه المنزلة.
وإن قلنا: الإجازة من الوارث الخاص تنفيذ، فإن وجوه المصالح لا تنضبط، فالوجه حسم الباب، وقطعُ أثر الوصية بالزائد بالكلية؛ فإن التنفيذ من الوارث موقوف على إرادته وهذا هو المعهود في إجازة العقود الموقوفة على رضا المجيزين، فأما ما يتوقف على المصلحة ولا ضبط لها، فلا يتجه فيها التنفيذ.