ثم إذا جرينا على جواز التنفيذ، فيتصور حالتان: إحداهما - ألا تتصور مصلحة أولى مما اشتملت الوصية عليه، فإن كان كذلك، فلا حاجة إلى التنفيذ، ولكن لا بد وأن يظهر للإمام ذلك، وهذا كإظهار القضاء عند قيام ما يوجبه؛ إذ ليس القضاء عندنا موجباً أمراً على سبيل الابتداء.
والحالة الثانية - أن يتصور مصلحة تماثل ما أوصى به، وكان الإمام لولا الوصية يتخير عند تماثل الجهات في صرف هذا المال إلى أيتها شاء، فإذا تصور من المسألة كذلك، فهل يتعين على الإمام التنفيذ؟ أم له نقض تلك الوصية، ثم هو على نظره في تعيين الجهات؟ هذا فيه تردد يسبق إلى الفهم.
والوجه: القطع برد الأمر إلى رأي الإمام. والعلم عند الله تعالى.
٦٥٩١ - ومما نذكره في تصدير الكتاب، الوصية للوارث وفيها طريقان للأئمة: منهم من قطع ببطلانها، ومنهم من نزّل الوصيةَ للوراث منزلة الوصية للأجنبي بالزائد على الثلث، وقد مضى اختلاف القول فيه، وستأتي الوصية للوارث مفصلة في أثناء الكتاب، إن شاء الله عز وجل.
فصل
قال الشافعي:" ولو أوصى بمثل نصيب ابنه ... إلى آخره "(١).
٦٥٩٢ - ذكر الشافعي الوصية بمثل نصيب الورثة، ثم ذكر الوصية بجزءٍ شائع من المال، ونحن نرى في تقريب التفهيم أن نذكر الوصية بالجزءِ الشائع أولاً، ثم نذكر الوصية بالنصيب. فإذا انتجز القول في هذين الفصلين مفردين، فننتهي بعد ذلك إلى الجمع بين الوصية بالنصيب وبين الوصية بالجزءِ، وعند ذلك نقف، وننكف عن الخوض في فقه الكتاب، ونذكر قاعدةَ الجبر والمقابلة، على مراسم علماء الحساب، ونتعدى قليلاً حدودَ الفقهاء، ونتشوف بعون الله تعالى وحسن توفيقه إلى تسهيل الطريق على الناظر في جميع المسائل الحسابية المتعلقة بالوصايا والدَّوْر، والمعاملات،