للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعضاء الوضوء: ولو أوصل المغتسلُ الماء إِلى جميع بدنه إِلا رجليه، ثم أحدث يلزمه أن يتوضأ، ثم يراعي الترتيب في الوجه، واليدين، والرأس، ولا يجب رعاية الترتيب في الرجلين لبقاء حكم الجنابة فيهما؛ ولا يجب الترتيب في طهر الجنابة؛ فإِن شاء قدم غسلَ الرِّجل على غسل الوجه، وإِن شاء أوقعه وسطاً؛ فإِن حكم الترتيب ساقط عنه.

فإن قيل: الأصغر يندرج تحت الأكبر، وإِذا بقي من غُسل الجنابة غَسْلُ الرجلين، ثم طرأ الحدث، فالوضوء الآن أكُمل ممّا بقي من الغُسل.

قلنا: ذكر الشيخ أبو محمد (١) أن الترتيب يُراعَى في الرجل لهذا السؤال، ويتبع حكمُ الجنابة حكمَ الوضوء. وهذا وإِن كان فيه إِخالة في وجوه الاحتمال، فالذي ذكره الأصحاب هو المذهب المعتدّ به. وحكم طهر الجنابة على الجملة أغلب، وهو بأن يُستتبع أوْلى.

ثم الذي ذكره الشيخ أبو علي في الشرح (٢) أن المتوضىء في الصورة التي ذكرناها، إِن نسي حكمَ الجنابة في رجليه، ونوى رَفع الحدث [فالجنابة] (٣) ترفع عن رجليه في ظاهر المذهب، وإِن لم يتعرض لها؛ فإنّ أعيان الأحداث لا أثر لها، ولا يضرّ الغلط فيها.

وحكى وجهاً ثانياً، أن الجنابة لا ترتفع؛ لأن حكمها أغلظ من حكم الحدث الموجب للوضوء، والأعلى لا يرتفع بقصد الأدنى.

وهذا ضعيف مزيف، ثم بنى على ذلك أن الجنب لو انغمس في ماء مثلاً، ونوى


= إمامة مصر في عصره، اعتنى الأئمة بشرح كتابه الفروع، فشرحه جمعٌ، منهم: القفال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي، توفي سنة ٣٤٥ هـ (تهذيب الأسماء واللغات: ١/ ١٩٢، وطبقات السبكي: ٣/ ٧٩، طبقات الشيرازي: ١١٤، طبقات ابن هداية: ٢٠٤، طبقات ابن قاضي شهبة: ١/ ١٠٤).
(١) المراد به والده، وهو يعبر عنه عادة بـ (شيخي).
(٢) المراد: الشيخ أبو علي السنجي في شرح الفروع.
(٣) في الأصل: والجنابة، والمثبت من (م)، (ل).