للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يجب (١)، والنية الأولى كافية. ومنهم من قال: لا بدَّ من تجديد النيّة؛ فإِن الطهارة إِذا تفرقت، وعزبت النيّة، فلا يكون ما يأتي به على هيئة القربات، وإِذا عزبت النيّة وتواصلت الأعمال، انبسطت النيةُ عليها حكماً، وانتظمت القُربَة حسّاً.

وقد ذكرنا في باب النية أن من نوى رفع الحدث، وعَزَبَتْ نيتُه ونسيها، ثم قصد ببقية الطهارة تبرّداً وتنظّفاً، ففيه خلاف قَدّمتُه، وليس ما ذكرناه الآن في تفريق الطهارة على هذه الصورة، بل إِذا مضى صدرٌ من الطهارة، وتخلّل زمنٌ متطاول، فأتى ببقية الطهارة، والنيّة منسيّة، ولم ينو بالبقية تبرّداً، ولا غرضاً آخر يخالف الطهارة، ولكن انضم إِليه التفريق، ففيه الخلاف.

فرع:

١١٥ - إِذا فرق المتوضىء النيةَ على أعضاء وضوئه، فنوى عند غَسل الوجه رفعَ الحدث عن وجهه، وهكذا فعل في باقي أعضائه، ففي صحة الوضوء وارتفاع الحدث وجهان.

وكان شيخي يبنيهما على القولين في تفريق الوضوء [فعلاً، ووجه] (٢) البناء أنا إِذا منعنا التفريق، فالطهر قربة واحدة؛ فينبغي أن يشتمل عليها نية واحدة.

وإِن قلنا: يجوز التفريق، فقد قدّرنا كلَّ فرض قربةً بنفسه، كالأقدار التي يفرقها من [يستوعب] (٣) الزكاة، فلا يمتنع تقسيط النية عليها.

والوجه عندي أن يقال: إِن منعنا التفريق فعلاً، لم يجز تفريق النية وتقسيطها.

وإِن جوزنا التفريق فعلاً، ففي تجويز تقسيط النية وجهان: أحدهما - الجواز، والثاني - لا يجوز؛ فإِن الوضوء -وإن جُوّز تفريق أركانه- قُربةٌ واحدة يرتبط حكم أوله بحكم آخره؛ فإِن من غسل وجهه، لم يقض بارتفاع الحدث عن وجهه، ما لم يتمم الوضوء؛ إِذ لو أراد مسَّ المصحف بوجهه المغسول، لم يجد إِلى ذلك سبيلاً.


(١) وهو الأصح (الروضة: ١/ ٦٤).
(٢) في الأصل: " فعلى وجه البناء " والمثبت من (ل).
(٣) في الأصل: يستوجب. والمثبت من (ل).